"نحتاج لإجراء استفتاء وطني حول الموضوع". هذا عادة ما تقوله التيارات المحافظة والإسلاموية أمام كل مطلب يبدو لها مهددا لإيديولوجيتها.
تذكرت هذا الحديث وأنا بصدد الإعداد لبودكاست عن التوقيف الإرادي للحمل. معظم التيارات المحافظة تعتبر أنه، لتقنين التوقيف الإرادي للحمل، يجب أن نجري استفتاء وطنيا.
تذكرت أننا، سنويا، نصوت على ميزانية الدولة دون أن نجري استفتاء وطنيا، رغم أن هذه الميزانية تقرر في تفاصيل حياتنا اليومية جميعا! ودوريا، نغير القوانين: مدونة الأسرة، القانون الجنائي، مدونة الأحوال المدنية التي يجري حاليا تعديلها والتي تهدد فعليا حق المغاربة والمغربيات في الولوج للقضاء، دون أن يتم إجراء استفتاء وطني...
لكن، حين يتعلق الأمر بالنساء، يبدو للجميع أن من حقه إبداء رأي بل وإجراء استفتاء وطني. لم أر يوما شخصا يناقش عمل الرجل مثلا وهل يؤثر عمله على علاقته بأسرته. ولم أر تعليقات ومقالات عن ملابس الرجال، علما أن وجه وجسد الرجل الجميل يفتننا أيضا والله.
إنها في الحقيقة نظرة رجولية وغيرية لجسد الرجل، لأنه لا يجد في جسد رجل مثله ما يغري. فماذا لو أعطينا الكلمة، بحرية، للنساء وللمثليين، ليعبروا عن تأثير وجه وجسد الرجل الوسيم عليهم؟
أما عن التوقيف الإرادي للحمل، فلنتخيل أن تفصيلا حميميا كهذا، يخص امرأة بعينها، يريد مجتمع بأسره أن يقرر فيه. لماذا نعتبر أن من حقنا أن نقرر لامرأة، متزوجة كانت أم لا، متى تصير أما؟ بأي منطق نعتبر أن من حقنا أن نفرض عليها الأمومة بمعاييرنا الأخلاقية؟ وبنفس المعايير، نُعَرِّضها لاحقا للوصم لأنها أم عازبة، ونعرض الطفل نفسه للوصم رغم أنه لم يختر أن يولد نتيجة علاقة لا يعترف بها المجتمع.
وطبعا، فالرجل المسؤول عن ذلك الحمل، سواء كان ذلك نتيجة علاقة رضائية أو نتيجة اغتصاب، فلا أحد سيسائله. حتى إجراء الحمض النووي الذي يمكن أن يجعله يتحمل مسؤوليته اتجاه الطفل أو الطفلة، فنحن نرفض استعماله بموجب حديث عمره أزيد من 14 قرنا، لم يكن العلم حينها قد تطور كما اليوم.
باختصار، حجة الاستفتاء الوطني لا تهدف للديمقراطية... لكن هدفها الحقيقي هو المزيد من المحاصرة لأجساد النساء!