يجري حاليا في المغرب الإحصاء العام للسكان والسكنى.
من شهادات بعض المواطنين، يمكننا أن نلاحظ أن بنية ومحتوى الاستبيان قد لا تترجم التحولات الموجودة فعليا في المجتمع.
مثلا، مازال الاستبيان يطرح سؤال "رب الأسرة". وحين يجيب بعض الأشخاص بأن ليس لديهما رب أسرة، وأن الزوجين معا ينفقان ويأخذان قراراتهما بشكل مشترك، يبقى الباحث المكلف مصرا على تحديد شخص واحد يتم احتسابه كرب أسرة، وهو محدد في الشخص الذي ينفق في البيت.
لكن الأسر المغربية تغيرت. في أسر كثيرة، هناك أزواج ينفقون بشكل مشترك ويأخذون القرارات بشكل مشترك. هناك أسر ينفق فيها طرف واحد، لكنه ليس بالضرورة رب أسرة بالمفهوم التقليدي، لأن مسؤوليات الطرف الآخر في البيت ليست منعدمة. وبالمناسبة، الطرف الآخر ليس دائما المرأة.
في آخر إحصاء للسكان سنة 2014، بينت النتائج أن خمس الأسر المغربية، أي حوالي 19 في المائة، تنفق عليها امرأة فقط. لكن إحصاء 2014 لم يقل لنا نسبة الأسر التي ينفق فيها الطرفان، لأن النسبة المتبقية لا تعني بالضرورة أنها أسر ينفق فيها الرجل فقط.
وهذا الخطأ يرجع بالأساس لكون الهيأة المكلفة بالإحصاء مازالت تعتمد على المفهوم التقليدي لرب الأسرة.
اليوم، تركيبة الأسر المغربية تحولت. قد لا تمس هذه التحولات مجموع ولا حتى أغلبية الساكنة، لكن معطيات استبيانات الإحصاء يجب أن تترجمها لكي نفهم تحولاتنا: نسب الأسر الفردية أو الأشخاص الذين يقيمون بمفردهم، توفير اختيار ثالث في الإحصاء يكون فيه القرار مشتركا خارج مفهوم رب الأسرة، نسبة الأسر المركبة التي تضم زوجين كانا متزوجين سابقا ولديهما أطفال من زيجاتهما السابقة...
هناك أيضا اليوم في المغرب شباب يقيمون مع أصدقائهم أو زملائهم في سكن مشترك لأسباب تتعلق بالدراسة أو العمل، فهل يتم احتسابهم أم أن الإحصاء سيضمهم لأسرهم في مدن أخرى؟ كذلك، لماذا يتم اعتبار سن 50 سنة، سنا للعزوبية النهائية علما أن بعض الأشخاص، مهما كانت نسبتهم ضئيلة، قد يتزوجون لأول مرة بعد هذا السن.
هناك أيضا سؤال اللهجات المغربية التي يتحدث بها المغاربة، والتي أدرجت في النسخة الطويلة من الاستبيان وليس في القصيرة، فهل يعني هذا أن نسبة المتحدثين بمختلف اللهجات الأمازيغية سيترجم الواقع فعليا؟
باختصار، أؤمن بأهمية الإحصاء لكي نفهم توجهاتنا وتحولاتنا... لكني لست متأكدة أن نتائج الإحصاء ستكون وفية فعليا لهذه التحولات!