كنت أفكّر بموضوع ليست له علاقة بشيء قرأته، ولم أتحدّث عنه لأيّ شخص، وفجأة يظهر أمامي في الشاشة في إحدى وسائل التواصل موضوع يتعلّق بما كنت أفكّر فيه، أصاب بحيرة كيف عرف جهازي ما أفكّر به؟!
كتبت إحداهنّ على تويتر معلّقة على أحداث انفجار البيجر في لبنان قائلة إنّ التطوّر التّكنولوجيّ اخترقنا كلنا، ويتحكّم بنا عن طريق معلوماتنا سواء شئنا أم أبينا، فعلّقت فتاة "هل تقصدين الرسائل التي على تويتر التي أظنّ أنّها من الله، هي ليست مصادفة وليست رسالة منه "! شعرت بالأسى على هذه الفتاة التي ظنّت أنّ الله يرسل لها رسائل عبر تويتر بينما هي التكنولوجيا التي حلّلت اهتماماتها، وما يعجبها، وما تنتظره، فأرسل لها بالضبط ما تبحث عنه، وظنّت هي أنّ الله يتواصل معها. هل هناك حلّ، وكيف نحمي أنفسنا؟ أعتقد أنّ لا مجال لحماية أنفسنا، فكلّ شيء في حياتنا أصبح مكشوفًا.
(النشرة الرقمية) برنامج على إذاعة مونت كارلو مفيد جدًّا في إيصال المعلومات عن التكنولوجيا، ولكن دائما ما تتبادر لذهني فكرة أنّ الشّخص الذي يعيش في قرية نائية مثلًا، هو لا يعرف الكثير من المعلومات عمّا يحدث في العالم، هناك تكنولوجيا هو لم يسمع عنها في حياته. ماذا عنك أنت؟ هل هناك تكنولوجيا أنت لم تسمع عنها، ولا تعرف عنها شيئًا؟ أعتقد أن الإجابة هي نعم. لا أحد منّا لديه كلّ المعلومات المتوفّرة في العالم، وإن كنت تظنّ أنّك متابع شغوف لكلّ التطوّرات ولا شيء يفوتك فتأكّد أنّك مخطئ، وأنّ هناك أشياء لا تراها، ولا تعرف عنها شيئًا.
هذه الفكرة جعلتني أتساءل كيف سيكون المستقبل؟ وهل ستكون التكنولوجيا هي "الله" حرفيًّا في حياتنا؟ تسمع أفكارنا، وتحقّق أمنياتنا، أو تغضب منّا فترسل لتفجّر موبايلاتنا؟ الموضوع مخيف، وفي نفس الوقت يفتح الكثير من التساؤلات، ونظريّات المؤامرة، والأفكار الفلسفيّة، ولكنّ هذا ليس دوري هنا، وسأترككم لتبحثوا، وتتساءلوا، وتفكّروا، وكلّ هذا سيسجّله هاتفكم، والبرامج التي تستخدمونها، وستصلكم رسائل، ولكنّها ليست من الله، وإنّما من التكنولوجيا.