تقول الحكاية إن شابة مصرية تزوجت؛ وبعد حوالي أسبوعين، زارت الطبيب الذي قال لها إنها حامل في أسبوعها الرابع. الزوج اعتبر أن الحمل حدث قبل الزواج، لأنهما تزوجا منذ أسبوعين فقط.
شرح له الطبيب أن الوسيلة العلمية الوحيدة لحساب مدة الحمل، هي احتسابها من أول يوم في آخر دورة شهرية، لأن الطبيب لا يستطيع أن يحدد أي علاقة جنسية كانت وراء الحمل. بما أن مدة عيش البويضة هي 12 إلى 24 ساعة، كما يعيش الحيوان المنوي في رحم المرأة بعد قذفه لبضعة أيام، فإن الحمل قد يحدث في أي يوم خارج أيام العلاقة الجنسية. وبالتالي تبقى الدورة الشهرية هي المقياس الوحيد الذي يعتمده الأطباء إلى غاية اليوم.
الزوج اعتبر أنه، مادام الطبيب يتابع والدَتها ويتابعها أيضا، فإنه لابد يكذب ليحميها.
زار الزوجان ثلاث أطباء آخرين، ليفهم الزوج أخيرا ويتأكد... لكن، بعد كل هذا، كانت العروس قد أحست بإهانة شديدة وطلبت الطلاق الذي حدث بالفعل!
الحكاية، بكل أسف، حقيقية... ولا أستبعد أن حكايات كثيرة مشابهة قد حدثت في مجتمعاتنا. أولا، كيف يكون أول خاطرٍ يفكر به الرجل هو احتمال الخيانة والغدر، بدل أن يبحث عن تفسير علمي وطبي قبل الشك والاتهام والإهانة؟
ثانيا، وهنا مربط الفرس: حين نتحدث عن إدراج التربية الجنسية في المقررات المدرسية، يتصور البعض أننا نطالب بتدريس المراهقين كيف تتم العلاقة الجنسية.
الحقيقة أن التربية الجنسية تهدف أساسا لإنشاء رجال ونساء يعرفون جسدهم وجسد الآخر بتفاصيلها: الحمل، تفاصيل الدورة الشهرية بدون تصورات مغلوطة، الهرمونات، الأمراض المنقولة جنسيا، وغير ذلك.
هناك طبعا مضامين عن العلاقة الجنسية، ولكن هدفها ليس تشجيع الشباب، لأن الراغبة والراغب في علاقة جنسية لن ينتظر أن تعلمه المدرسة كيف يمارس الجنس. بل بالعكس، ففي غياب تربية جنسية سليمة، تصير أفلام البورنو هي وسيلة التعلم الوحيدة، بما في ذلك من أخطار على الشباب وحتى على الراشدين لاحقا.
نحتاج للتربية الجنسية لكي نفهم تفاصيل الدورة الشهرية وتأثيراتها الهرمونية والنفسية والجسدية، دون اتهامات غبية.
نحتاج للتربية الجنسية حتى يفهم الرجال والنساء كيف يقع الحمل وكيف نحتسبه، لكي نتفادى الحمل غير المرغوب فيه ولكي لا يوجه أحد اتهامات ظالمة كما في الحكاية التي تحدثنا عنها. ونحتاجها كثيرا لتفادي كل هذا الجهل الذي نعيشه ونسمعه بشكل شبه يومي.