تقديس أماكن معيّنة، وأفكار معيّنة، وتقاليد معيّنة، بالإضافة إلى ضيق الوعي، وعدم التوسّع والتطوّر.. هو سبب لهذه الحروب، والتخلّف عند بعض الشّعوب.
مؤخّرًا كانت هناك حملة يمنيّة ضدّ فنّان شابّ لأنّه غيّر في طريقة الموسيقى اليمنيّة، وجعلها أكثر عصريّة، غضب النّاس، وتهجّموا عليه، وظهرت العصبيّة، والتقديس لكلّ ما هو قديم ومألوف. نفس الشيء نراه في شعوب مختلفة تصرّ على التمسّك بعادات وتقاليد عفّى عليها الزّمن، والنتيجة أنّها تصبح معاقة عن الحركة، ولا تستطيع أن تتقدّم للأمام.
التقديس ليس صفة جيّدة كما نظنّ، أن تقدّس أفكارًا معيّنة، وترفض أن تناقشها، أن تقدّس أماكن معينة، وتتسبّب في سفك دم الإنسان، وتنسى أنّ هناك أماكن كثيرة خلال التاريخ تهدّمت، وبنيت، وأن ما بقي هو الإنسان. أن تتعصّب لدين معيّن، ودولة معيّنة، وفكر معيّن، وألّا تكون حرًّا طليقًا تبحث عمّا يناسبك أنت، وليس ما قيل لك بأنّه الصّحيح، أنت بذلك تظلم حياتك القصيرة. هل جرّبت أن تبحث، وتتساءل، وتجد طريقك الخاص بك؟ إن فعلت وجاهدت إلى أن وصلت لحرّيّتك ستجد كيف أن حياتك ستصبح أفضل، ولن تصبح كارهًا للآخرين، وإنّما أكثر انفتاحًا على الآخر.
إن قرأت قصص مَن نجحوا في حياتهم، وخلّدهم التاريخ، ستجد أنّ الشّيء الذي يجمعهم هو أنّهم تمرّدوا على ما كان، وأوجدوا شيئًا مختلفًا، وجديدًا. قصص الأنبياء، والفلاسفة، والعظماء كلّها تتحدّث عن ذلك. لا أقول إنّ عليك أن تكون منهم، فكلّ إنسان حرّ في اختياره لمسار حياته، ولكنّ من المهمّ أن يكون فعلا مسارك أنت، وليس مسارًا قرّره عنك آباؤك، وأجدادك، ومجتمعك، فظننت أنت أنّ هذا المسار مقدّس، ويجب التمسّك به، وتخلّيت عن حقيقتك، ومن تكون. ليس هذا فقط، بل إنّك تريد أن تفرض على الآخرين أن يمشوا على نفس الطريق، وأن يقدّسوا ما تقدّسه أنت، وإلّا فإنّك ستغضب، وقد ينتج عن غضبك هذا عنف ضدّ أشخاص ذنبهم فقط أنّهم رفضوا تقديس الماضي، وما يمليه عليهم مجتمعهم، أو دينهم، أو قبيلتهم.. إلخ.
التقديس للأشياء التي تعلّمنا أن نقدّسها، ونتصارع من أجلها قد يجعلنا ننسى أنّ رفاهيّة الإنسان وسعادته، وبناء الأرض ونماءها هو الأهمّ إن أردنا حياة أفضل.. جرّب أن تبدأ بنفسك، وسترى كيف ستتغيّر حياتك.. ابدأ بنفسك.