في حلقة جديدة من حلقات مسلسل الاعتداء على الأطباء في أماكن عملهم، شغل الرأي العام الأسبوع الماضي بتداول والتعليق على فيديو يتهم فيه أحد المطربين أحد الأطباء بإنه ما اهتمش كفاية لما عرف إن المريض اللي بين إيديه يبقى أخو المطرب الشهير.
من ناحية فأسلوب (إنت مش عارف إنت بتكلم مين؟) أسلوب مش جديد بيستخدمه ناس كتير سواء كان فعلا ليهم مكانة اجتماعية مهمة أو لأ، حرصا على وضع ضغط معنوي على مقدم الخدمة أيا كان أملا في الحصول على ميزة ما أو تخطي القواعد اللي بتحكم تلقي الخدمة.
لكن الاعتداء اللفظي اللي بيتطور لاعتداء جسدي كان شيء أكثر اعتيادا في طبقات تانية، غالبا طبقة شعبية متداس عليها اجتماعيا، يلجأ رجالها للمخدرات الشعبية عشان يعرفوا يتعاملوا مع ضغوط الحياة، يصاب حد فيهم في خناقة، أو يغشى على قريب حد منهم كبر سنه وجاء أجله فينفجرالرجل اللي لعبت المخدرات بدماغه ليصب غضبه على الدكتور اللي في رأيه ما أنقذش الشخص العزيز عليه، والممرضات اللي عشان شايفهم رايحين جايين في الاستقبال فهم في رأيه بيتدلعوا، وبالطبع رجل الأمن اللي هو غالبا أضعف حلقة في كل الخناقة لضعف مرتبه ومعاناته من أمراض سوء التغذية وده اللي بيخليه ممكن ييجي يقول كلمتين ثم يختفي تاركا أعضاء الهيئة الطبية يستلقوا وعدهم.
لكن الجديد، إن تريند الاعتداء على الأطباء توغل في طبقات كتير، ما عادش فارق تربية من تعليم من ثقافة من تحقق اجتماعي. كل طبيب أو طبيبة أعرفهم على الأقل ليهم حكايتين أو تلاتة لمرات انضربوا فيها لأن أهل مريض ما ما اقتنعوش إنهم عملوا اللي عليهم لإنقاذه أو الاعتناء بيه. في الأول كان المعتدين عواطليه ومدمنين، لكن الأمر الآن توسع وأصبحوا موظفين ومهندسين وشخصيات عامة وفنانين.
وما بقاش الدافع هو بس (إنت ما عملتش اللي عليك) لكن الموضوع تطور ل (إنت شوفتني قدامك وعرفت أنا مين وما أظهرتش الاهتمام الكافي).
والواحد في الحالات دي بيحتار، مفهوم إن أهل المريض بيكونوا على أعصابهم وأحيانا بيسيئوا تفسيرأداء الفرق الطبية على إن التحلي بالهدوء مثلا تلكع، أو انتظار ظهور نتيجة أشعة أو تحليل استهانة بالوقت، وصحيح برضه إن الأطقم الطبية عندنا ما بيتلقوش تدريب كافي للتعامل مع المواقف النفسية المختلفة اللي بيقابلوها في شغلهم، أو ده اللي اكتشفته لما سألت أصدقاء وصديقات ليا في المجال.
لكن تكرر الاعتداءات دي وانتهاءها غالبا بقعدة صلح ومراضية كاشف جدا لمجتمعات ما زالت بتفضل تحط التراب تحت السجادة، لا فيه قانون بيتطبق ولا فيه قواعد بتتحط ولا حتى فيه توعية بيتم تقديمها للجمهور بشكل منتظم عشان ما نشوفش المناظر المأساوية دي كل شوية متسجلة على تليفون ما، أو على الأقل لإيقاف نزيف الأطباء اللي النسبة الأعظم منهم حاليا بيدوروا على وسيلة للهروب خارج المنظومة وخارج الوطن اللي مش باين إنه بيحاول يحط حد للاعتداءات اليومية عليهم..