إحدى هوايات أي وزير تعليم جديد في حكومة جديدة هو ابتكار شكل جديد للثانوية العامة، علمي وأدبي، علمي علوم وعلمي رياضة، رياضة ١ ورياضة ٢، سنتين، لأ سنة، فيه فرصة للتحسين، لا تحسين مين؟ هي جزرة و قطمها جحش!
وزير التعليم المصري الحالي لم يختلف عن سابقيه، بس مد الخط على استقامته حبتين.وبطريقة مناسبة جدا للعصر الحالي.
قالك إيه الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والهلمة دي كلها، لملي ده كله في سندوتش.
وإيه اللغة التانية دي بيعملوا بيها إيه؟ ويعني جولوجيا أصلا، حد بيفتكر منها حاجة بعد ما يخرج من الثانوي العام؟ هنهزر؟
وعشان نبقى أمناء مع نفسنا، آه إحنا بقالنا كتير جدا بنشتكي من حشو المواد الدراسية، ولو رجعنا بالذاكرة يعني شويتين تلاتة، مش هنفتكر هو مين اللي قرر أصلا للثانوي العام شكله الحالي، مين اللي قرر اختيار الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع مثلا، وليه ما استبدلهومش بمواد أدبية تانية زي التذوق الفني مثلا والنقد الأدبي على سبيل المثال؟ ده غير ان برضه يعني دراسة علم النفس والمنطق ما يتهيأليش أثرت كتير في مستشفى المجانين الكبيرة اللي احنا عايشين حاليا فيها.
وبالتالي أنا ماعنديش مشكلة مع القرار، لأن مشاكلي مع الثانوية العامة أكبر وأعمق، وهي فكرة إنها بتتاخد مرة واحدة في العمر، حكم مؤبد، وبناءا عليه ممكن جدا تحدد شكل حياة كاملة لإنسان كان مضطر ياخد قرار مصيري زي إختياره لكليته في عمر ١٦-١٧ سنة.
صحيح إن مافيش حد حاليا شغال بشهادته، والدنيا مليانة كورسات مؤهلة لشغلانات بعيدة عن تخصصنا الدراسي. وأنا شخصيا أعرف مهندسين بيشتغلوا مدرسين، وأطباء بيشتغلوا مبرمجين، وخريحين تجارة بيشتغلوا في صناعة السينما، لكن ماذا إن كانت الأمور أسهل ونقدر بعد ما نختار كلية وندرس فيها شوية أو بعد ما نتخرج ونخرج للحياة العملية ونلاقي ميولنا اتغيرت أو ندرك إن سوق العمل اتغير نقدر نرجع تاني ونغير المصير المحتوم؟. يعني لو انت درست هندسة ، بس بعد سنة أو اتنين أو حتى بعد ال٥ سنين والتخرج حسيت إنك عايز تدرس طب، ليه ده سيناريو مستحيل؟.
هل مش ممكن تكون فيه مجموعة مواد مؤهلة ، أو حتى سنة إعداد لكلية الطب ولو اجتزتها اتفضل كمل دراسة ال٧ سنين؟
صحيح هيكون عندنا طالب طب متخرج في عمر ال٣٠، بس مش ده أفضل من إنه يعيش لحد ال٧٠ من غير ما يحقق حلمه في دراسة أو في عمل أليق ليه؟
بنشوف الكلام ده بره كتير، صحيح الدنيا والالتزامات وأكل العيش مش بيمكنوا كل اللي نفسهم يعملوا كده من إنهم يعملوه، بس أنا شوفت وعاصرت حياة ناس كتير إتزنقوا في دراسة أو مهنة، بسبب المجموع، أو سوء توزيع المواد، أو الضغط المجتمعي أو الفهم القاصر وبعدها حسوا كإنهم محكوم عليهم بالمؤبد لأن مافيش طريق للرجوع.
بالنسبة لي هو ده اللي محتاج يتغير عشان ما يفضلش فيه أشخاص كتير هايمة على وجهها وبتشتغل زي الروبوتات في مهن بتكرهها، أظن ده حوار أهم من حوار دراسة الجيولوجيا والا الإحصا اللي ممكن يتدرسوا بعد كده في كلية متخصصة، لكن حكم الثانوية العامة المؤبد هو اللي فعلا محتاج تغيير.