نحن المغاربة عرب.
نحن مغاربيون.
نحن أمازيغ.
ترتفع الأصوات ويشتد التنديد والتنديد المضاد.
لماذا يا ترى علينا أن نختار؟
ولماذا علينا أن ننفي هوية مقابل أخرى؟
أحدهم قال إننا، إن بحثنا في الحمض النووي، فلن نجد في المغاربة عربيا واحدا.
لكن، منذ متى كانت الهوية تحاليلا وحمضا نوويا فقط؟ أليس في هذا عنصريةٌ تختزل هوياتنا في عِرق؟ ألم تكن هذه رؤية متطرِّفٍ نمقته، هو هتلر الذي اعتمد العرقَ لإقصاء الآخرين؟
الثقافة والهوية المغربيتان غنيتان بروافدهما العربية والأمازيغية والإفريقية والأندلسية، ببعدهما الإسلامي واليهودي وحتى ببعض المؤثرات الموروثة من ثقافات سابقة للديانات الإبراهيمية بقيت تمارَس إلى غاية اليوم.
حين نقول إننا عرب فقط فنحن نكذب. وكذلك حين نقول إننا مسلمون فقط.
لكننا، حين نقول إننا لسنا عربا وأننا فقط أفارقة أو أمازيغ اعتمادا على الحمض النووي، فنحن نمارس نفس ثقافة الإقصاء التي غيبت المكون الأمازيغي لعقود من ثقافتنا.
شئنا أم أبينا، وخارج المعايير العرقية المحضة، فثقافتنا تحمل هذا المزيج من المكونات، في الطبخ والرقص والأمثال الشعبية والعلاقات الأسرية والسينما والشعر واللغة. هذا المزج بين المكونات العربية والأمازيغية والإفريقية والمسلمة واليهودية والوثنية حاضر وغني وجميل، فلماذا نريد اختزاله وإقصاء بعض مكوناته؟
البعض يؤمن بأمة عربية موحدة رغم عديد اختلافات بين المجتمعات التي تنتمي للمنطقة الناطقة بالعربية، وفي هذا مغالطة منطقية. لا يكفي الحديث بلغة مشتركة لكي تكون الهوية موحدة. لكن هذا لا يمنع أن هناك مكونات مشتركة خارج اللغة نفسها، انطلاقا من السينما والتلفزيون والأدب.
والبعض الآخر يختزل الحداثة في رفض المكون العربي، وفي هذا لي لعنق المنطق أيضا. الحداثة قيم وسلوك وممارسة، وليست لغة فقط.
لكن، وهذا هو الأساس: لماذا سيكون علينا إلغاء مكون لصالح مكون آخر؟ لماذا سيكون علينا أن نكون هذا أو ذاك، رغم أننا لا نستطيع ذلك ولا نحتاج لذلك؛ لأننا في الأصل وفي النهاية... نستطيع أن نكون هذا وذاك!