بينما كان الاتحادُ الأوروبي يقرُ حزمةً جديدة ًمن العقوبات ضد موسكو، كان الرئيسُ فلاديمير بوتين يختتمُ جولتَه الآسيوية في فيتنام بعدما بدأها في بيونغ يانغ حيث بلورَ مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الحلفَ المعادي للغرب.
حظي بوتين في بيونغ يانغ باستقبالٍ حاشدٍ أراد من خلاله كيم وريثُ وحفيدُ " الشمس الساطعة التي لا تغيب" أن يكرسَ حقبةً جديدة ًمن التحدي لواشنطن والغرب.
ويتبينُ مع الوقتِ ان التقاربَ المستمرَ بين البلدين يتجاوزُ، على الأرجح، حاجةَ روسيا إلى المزيد ِمن الذخائر في حربها الاوكرانية أو حاجةَ كوريا الشمالية إلى التكنولوجيا الروسية والمساعدةَ في برنامج ِالفضاء ِالخاص بها، بل هو مرتبط ٌبالتحولات الأخيرة العميقةِ على الساحة العالميةِ، والاصطفافِ في القارة الآسيوية. وللدلالةِ على المنحى الجديد تمَ توقيعُ «اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة»، بين موسكو وبيونغ يانغ، والتي تضمنت «تعهداً دفاعياً» بتقديم «المساعدة المتبادلة» في حالِ تعرضِ أيٍّ من البلدين للهجوم، وهي من دونِ شك ٍالاتفاقيةُ الأقوى بين الطرفين منذُ عهدِ الاتحاد السوفياتي.
على المحورِ المقابلِ في آسيا، استدعت ْكوريا الجنوبية السفير َالروسي لإدانةِ الاتفاقيةِ وتزويدِ كوريا الشمالية ِبالأسلحة، مع الإشارةِ إلى ان موسكو اعتبرت سابقاً ان المساعدةَ العسكريةَ المقدمةَ من سيول إلى كييف هي "خطأٌ فادح ٌللغاية". من جهتِها، أعلنتِ الحكومةُ اليابانية ان «الحالة َالأمنيةَ الإقليمية حول َاليابان تزدادُ سوءاً بشكل عام" وهذا سيعني عملياً المزيدَ من الالتصاقِ بين واشنطن وطوكيو وسيول.
أما زيارةُ فلاديمير بوتين إلى هانوي فكانتْ لها نكهةٌ خاصةٌ نظراً لصلةٍ تاريخيّة ٍ ايامَ حروب ِالهندِ الصينية ، او بسببِ تطور ِفيتنام التي اصبحت ْمن مراكزِ النجاح الاقتصادي وعدمِ الانحياز السياسي بين العملاقين الاميركي والصيني. ويأتي تعزيزُ العلاقةُ مع روسيا في سياقِ نهجِ الابتعادِ عن الصراعاتِ.
وقد اتفقَ الجانبان الروسي والفيتنامي على تعزيزِ الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، وعلى عدمِ الدخولِ في تحالفاتٍ أو اتفاقيات ٍمع دول ثالثةٍ بغرضِ القيامِ بأعمال تمسُ بالاستقلالِ والسيادة. واللافت ُان الطرفين عبرا عن مقاربةٍ اقليميةٍ مشتركةٍ بخصوصِ الامنِ الاستراتيجي مع التشديدِ على الدورِ المركزي الذي تلعبُه رابطةُ دولِ جنوب ِشرق آسيا (آسيان).
ولم يكنْ من قبيلِ الصدفة ان يعلن َالرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين، بعد عودتِه من جولتِه الآسيوية إن بلادَه تدرس ُإدخالَ تعديلاتٍ محتملةٍ في عقيدتٍها بشأن استخدامِ الأسلحة النووية. وهكذا يدخلُ القيصرُ الجديد حلبةَ المبارزةِ مع الغرب ويهددُ بإخراجِها عن سياقِها التقليدي.