لم تنقطع خطوط الاتصال بين واشنطن وبكين بالرغم من التوتر الذي دمغ صلات البلدين في السنوات الثلاث الاخيرة، وأتت القمة الثلاثون لقادة اقتصادات منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، المنعقدة في سان فرانسيسكو لتشكل مناسبة مثالية لترتيب انعقاد قمة ثانية بين العملاقين الاقتصاديين العالميين بعد سنة على القمة الاولى بينهما في بالي الاندونيسية على هامش قمة العشرين.
ارتأى الطرفان ان تكون هذه القمة فرصة لإعادة الوصل على مستوى الرؤساء و لتصحيح العلاقات الثنائية، مع محاولة ضبط قواعد التنافس بين بلديهما والتأكّد من عدم خروجه عن السيطرة.
من حسنات استئناف الحوار الحذر ، احتمال عودة محدودة الى العلاقات الطبيعية بعد سلسلة من الازمات. تفاقم الوضع إثر زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة في الكونغرس الأميركي، نانسي بيلوسي، في أغسطس/آب 2022، إلى جزيرة تايوان التي تعتبرها بكين مقاطعة صينية متمردة، ثم تدمير منطاد-مسبار صيني يشتبه في قيامه بالتجسس، وأججت هذه التوترات مناخاً مثيراً للقلق وذلك بعد التباعد في مواجهة وباء الكورونا المستجد، والتنافسية الاقتصادية والانقسام حول الحرب في اوكرانيا.
مقابل الدعوة الصينية المتناغمة مع روسيا لنظام عالمي متعدد الاقطاب ، وتوجه بكين لتعزيز موقعها في الجنوب الكلي ومواجهة النفوذ الاميركي والغربي ، تتمسك واشنطن بالدفاع عن موقعها العالمي الاول كما برز في دورها ابان حرب اوكرانيا او خلال الحرب على غزة .
تشكل تايوان المحور الرئيسي لاختبار القوة بين الصين والولايات المتحدة ، ولم تتمكن القمة من ايجاد اي قاسم مشترك حول هذا الملف بينما يزداد السباق في بحر الصين الجنوبي وجزر الجوار الصيني وتوقف الحوار العسكري التقني بين البلدين .
بعد أشهر من الحوار المتوقف، أتاح الاجتماع الذي انعقد في 15 نوفمبر/تشرين الثاني استعادة قنوات الاتصال بين جيشي البلدين، وهو أمر ضروري نظرا لتكاثر الحوادث في بحر الصين الجنوبي. وسيكون من الضروري مراقبة تطبيق الاتفاق بين الجانبين وتعهد بكين بمكافحة الصادرات غير القانونية لمكونات الفنتانيل، وهو مادة مخدرة أفيونية اصطناعية تسبب الفوضى في الولايات المتحدة.
بالنسبة للقضايا العالمية الملحة، لم يبرز اي تقارب بين الجانبين إن بشأن الخروج من المأزق في حرب اوكرانيا او الضغط باتجاه وقف اطلاق النار في الشرق الادنى . وتمثل نتائج القمة نوعاً من الحد الادنى التشاوري وحوار الممكن إن لم نقل حوار الطرشان.