هل هويتنا هي البلد الذي أتينا منه وماذا نؤمن به؟ أو عملنا بالحياة؟ هل تتغير الهوية مع السنين أم من المفترض أن تكون هويتك ثابتة؟ هل الهوية هي شخصيتك والصفات التي تحملها؟ اسئلة كثيرة راودتني عندما لاحظت أنني أشعر بأزمة هوية.
في مقابلة معي في البي بي سي تحدثت عما واجهته من هجوم وتهديدات بسبب ما أكتبه. قلت في المقابلة، بعد أن شرحت كل المصاعب والأيام السيئة التي عشتها، بأنني اليوم لا أستطيع أن أغضب مثل السابق. لم أعد هند التي كانت تكتب كثيراً في وسائل التواصل وتقوم بالعديد من الحملات.
هذا ليس جديدا فمنذ عام 2019 كنت أغيب وأعود لفترات متقطعة. ولكنني عندما عدت مؤخراً وخاصة في وجود هذا الكم الكبير من الأخبار السيئة، وجدت نفسي غير راغبة أو غير قادرة على التفاعل. لا أدري هل هذا جيد أم سيء، ولكنه جعلني أشعر بأن هويتي كصحفية ومدافعة عن حقوق الإنسان أصبحت في خطر.
هويتي كمحبة للكتابة لم تتغير، ولكن في السابق كان لدي الكثير من الغضب، هذا الغضب ربما ساعدني في أن أحقق الكثير.عندما اتأثر لمشاهدة ظلم وأدافع عن المظلوم، غضبي هذا كان يجعلني أفعل ما أستطيع للمساعدة. لكن ذلك أيضا أثر سلباً على حياتي وحياة من حولي، عشت في خوف وتوتر دائم سواء بسبب ما أشاهده من أخبار أو بسبب ما أتعرض له يومياً من تنمر وتهديد.
مؤخرا تم اعتقال أشخاص أعرفهم في صنعاء، حزنت وشعرت بالغضب، ولكنني وجدت أن مشاعري مختلفة، أنني وأنا أكتب على وسائل التواصل أحاول أن أتحكم بغضبي وعندي خوف من العودة لتلك المشاعر، مشاعر الخوف والقلق والحياة الصعبة. قلت لنفسي أن من المهم أن أجد طريقة للتفاعل مع الأحداث ومساعدة الآخرين، مع التركيز على مشاعري وأن لا أتسبب لنفسي بأن تتعب وتنهار، هذه نصيحة ليست لي فقط، ولكن لكل صحفي وصحفية أو مدافع عن حقوق الإنسان.
من المهم أن نتذكر أننا بشر ولدينا طاقة وأن انجرافنا وراء المشاعر وتلقينا لعدد كبير من الصدمات سيؤدي للانهيار إن لم نحافظ على نفسيتنا، وهذا الإنهيار لن يساعدنا ولن يساعد غيرنا. هذا لمن يريد أن يستمر بنفس هويته، أما من يريد تغيير هويته لأنه لم يعد يجد نفسه في هذا المكان وإنما في مكان آخر، ويريد مساعدة الآخرين بشكل مختلف، فهو بالتأكيد حر في أن يختار الطريقة المناسبة للمساعدة والطريق الذي يجعله سعيداً وراضياً عن نفسه، فكل منّا خلق بصفات معينة ولكننا نتغير. الشي الوحيد الذي لا يتغير هو أننا بشر، هذه هي الهوية التي لا تتغير إلا بانتهاء حياتنا.