كثيرا ما نسمع الناس حولنا يتحدثون عن التعايش في ديننا، وعن احترام معتقدات الآخرين وعن ثقافتنا المتسامحة...
لكن، ماذا عن الحقيقة؟
في قرية الفواخر في مصر، انتشار شائعة بناء كنيسة جديدة جعل المدينة تتحول لساحة حرب تحرق فيها بيوت المصريين الأقباط وتهدد سلامتهم وحياتهم من مصريين مثلهم؛ لكن هؤلاء المجرمين اعتبروا احتمال بناء كنيسة جديدة خطرا يهدد أمن البلاد والعباد.
لنتساءل: ماذا لو حدث العكس، في مصر أو في أي بلد في العالم؟ ألا يبنى كل يوم مسجد جديد في معظم مدن منطقتنا؟ وألا تبنى الكثير منها في بلدان غير ذات أغلبية مسلمة؟ ألا يتم التبرع لبناء المساجد بأريحية؟
بل أكثر من ذلك، ألا يتم استعمال مكبرات الصوت للآذان، بينما يعيش بيننا من هم غير مسلمين؟ هل يمكننا تصور استعمال مكبرات الصوت في الكنائس؟
ألا يتم التساهل، مجتمعيا، مع المصلين في صلاة الجمعة أو صلاة التراويح، حتى حين تقطع جموع المصلين الطريق؟
ألا تعتبر الأعياد الدينية الإسلامية أيام عطلة رسمية في معظم البلدان ويتم التساهل المجتمعي مع السلوكيات الخاصة ليوم الجمعة باعتباره يوما خاصا في الثقافة الإسلامية؟ فهل يتم التعامل بنفس الشكل مع أعياد المسيحيين واليهود، ليس فقط في مصر بل أيضا في الأردن والمغرب وغيرها؟
حين نطالب بأن تصبح أعيادنا الدينية عطلا رسمية في أوروبا مثلا، لأن أعداد المسلمين هناك في تزايد، هل نفكر في أعياد المسيحيين في بلداننا؟
حين نطالب ببناء مساجد هناك، وهذا ما يحدث فعلا لأن للمسلمين مساجدهم في معظم المدن الأوروبية، هل نتعامل بالمثل؟
أليس من حق أقباط مصر أن يمارسوا تدينهم بكل فرح وأن تكون أعيادهم رسمية وألا يجبر أبناؤهم على تعلم تعاليم الإسلام في المدارس العمومية وأن يبنوا كنائس جديدة إن لم تعد القديمة كافية لأعدادهم؟
في المغرب أيضا، هناك عشرات الآلاف ممن اختاروا المسيحية كدين في السنوات الأخيرة، إضافة إلى عشرات الآلاف من المهاجرين من دول أخرى من قارتنا الإفريقية، ممن يدينون بالمسيحية.. هل يجرأ أحد على الحديث عن بناء كنائس جديدة؟
ومع ذلك، فلا أحد منا يخجل ونحن نتحدث عن ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخرين...