في شهر واحد، توفيت الصحافية المغربية المتميزة فاطمة الوكيلي. قبلها بقليل، رحل عن عالمنا إنسان نبيل هو رضى دليل، الكاتب ومدير نشر مجلة تيل كيل. قبلهما بأيام قليلة، توفي الفنان المغربي عبده الشريف إثر أزمة قلبية فاجأته ليلة واحدة قبل حفله
أقرأ على مواقع التواصل تدوينات لأشخاص يكتبون عنهم أشياء طيبة، يستحقونها بالتأكيد.
لكن، هل كانوا يعرفون كم يحبهم كل هؤلاء؟ أم أن معظمنا ننتظر أن يرحل من نحب لكي نكتب عنهم كلاما طيبا؟
هل علينا أن ننتظر دورنا في طابور الموت حتى يكتب عنا الأهل والأصدقاء كم كنا جميلين ورائعين؟
هذه أزمتنا للأسف: أننا ننتظر رحيل من نحبهم لكي نتألم ونبكي ونكتب كلاما جميلا، معظمه صادق، لكنه يأتي بعد أوانه.
بينما الحقيقة أن كل لحظة قد تكون لحظتنا الأخيرة؛ وكل وقت نقضيه مع من يهموننا قد يكون الأخير.
قرأت مؤخرا تدوينة لشخص جلس يقرأ رسائله الأخيرة مع زوجته بعد رحيلها، وشعر بوخزات ألم لأنه كان مشغولا وكتب بعض الرسائل بعجالة. لم يكن يدرك أنها رسائلهما الأخيرة.
تفصيلة صغيرة قد نعيشها جميعا. مكالمة هاتفية. تحية الصباح ونحن نتوجه لعملنا. رسالة مستعجلة... كل هذه قد تكون آخر ما نقتسمه مع شخص يهمنا ونحبه.
بالتأكيد، هناك تفاصيل الحياة التي تأخذنا، ودوامة الالتزامات، وضغوطات العمل والأسرة والتفاصيل المادية... لكن، كم سيكون جميلا لو حاولنا بين الفينة والأخرى أن نتوقف قليلا لكي نسأل: ماذا لو كانت هذه اللحظة الأخيرة؟ ماذا لو كانت هذه آخر مكالمة؟ ماذا لو كانت هذه آخر رسالة؟ ساعتها، قد نقوم بمجهود صغير لكي نبتسم، ولكي نستمتع بالمكالمة أو المراسلة أو الوقت الذي نقضيه مع هذا الشخص.
الحقيقة أننا جميعنا معنيون بهذا التمرين، أنا وأنتم وأنتن.... حتى لا نعيش الندم بعد كل رحيل. لنأخذ بعض الوقت. لنقل ما نشعر به لمن حولنا. لنمدح على من نشتغل معهم حين يعجبنا عملهم.
بعد رحيلهم، لن يعرفوا شيئا مما نكتبه عنهم.
وبعد رحيلنا، لن نستطيع أن نسعد بما قد يكتب عنا أو يقال في جنازاتنا.
لنحب ولنعبر عن الحب ما دمنا على قيد العيش!