ولدتَ مسلما وتعيش وسط أغلبية مسلمة؟
إذن، فعليك أن تعيش كالأغلبية، أو على الأقل أن تتظاهر بذلك.
مناسبة كلامنا، رمضان!
في مجتمعاتنا، هناك آلاف الأشخاص ممن ولدوا مسلمين، لكنهم، لأسباب تخصهم، لا يصومون. وهذا اختيارهم. حتى من وجهة نظر دينية، فلا عقاب، في الدنيا، لمن لا يصوم.
لكن لا، من قال ذلك؟ سنكون لهم بالمرصاد. لأنهم لا يحترمون مشاعرنا.
لم أفهم يوما هذا المنطق. أين يوجد عدم الاحترام في أكل شخص بحضورنا ونحن صيام؟ ما بال ملايين المسلمين في أوروبا وأمريكا يصومون والناس حولهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي؟ ونفس الشخص الذي يقبل الأمر من أمريكي أو إيطالي، سيشعر بالاستفزاز إن أكل بحضرته مصري أو مغربي.
وإلا، فيم يؤذي الصائمَ أن يأكل غيره بحضوره؟ ألا يصوم آلاف الناس خارج رمضان ويرون أهلهم وزملاءهم يتناولون وجباتهم بشكل طبيعي؟ ألا تصوم آلاف النساء خارج رمضان من أجل تعويض أيام الإفطار خلال فترات الدورة الشهرية؟ بل وأكثر: وهن صائمات يحضرن الوجبات لباقي أفراد الأسرة؟ نفس هؤلاء الأشخاص الذين يتعاملون مع صيامهم بشكل عادي خارج رمضان، يشعرون بالاستفزاز حين يحدث نفس الأمر خلال رمضان.
كل هذا يبين أن الأمر لا يتعلق بالاحترام ولا بالتدين، بل برغبة في أن يكون لنا جميعنا نفس السلوك. أن نشبه بعضنا البعض. حين يعبر شخص عن اختلافه، وخصوصا فيما يتعلق بالمعطى الديني، سنتهجم عليه.
العذر الثاني الذي يقدمه البعض هو أن حريتك تتوقف حين تمس حرية الآخرين. وهذه مغالطة منطقية، لأن المساس بحرية الآخرين يقتضي أن يُفرَض عليهم الأكل أو أن يُمنَعوا من الصيام من طرف غير الصائمين، وهذا ليس صحيحا.
إذا كان أكل الآخرين أو شربهم بحضورك خلال رمضان يزعجك، فهذا يعني أمرا من اثنين، إما أنك "على سبة" كما نقول بالمغرب، أن صيامك هش وأنك مجرد خاضع للرقابة المجتمعية مساهم فيها؛ وإما أنك متطرف لا تقبل أن يعبر الآخرون عن حقهم في الاختلاف. لأن الحقيقة أن من يصوم تدينا وتخشعا، يفترض ألا يزعزعه أكل غيره وشربهم، لأنه يصوم إيمانا واحتسابا.. لا خوفا من الرقابة!
وحين تطلب منه أن يستتر، فأنت تطلب منه أن يخافك أنتَ، لا أن يخاف الله، لأن الله يفترض أن يراه وهو يأكل في مخبئه!