كثيرًا ما نقرأ عن الأشياء الصغيرة، أو المواقف الصغيرة التي تترك أثرًا في نفوس الآخرين، ولكن عندما تعيش هذه التجربة بنفسك ستعرف إلى أي مدى هذه المواقف البسيطة قد تغير حياتك.
قبل سنوات عندما كنت أمر بأيام صعبة كنت أجلس في كرسي منتظرة للمترو، وأنا سارحة بخيالي ويبدو عليّ الحزن، التفتت امرأة ناحيتي كانت ترتدي نظارات شمسية، ثم رفعت النظارات السوداء ونظرت في عينيّ في مقطع شبيه بالأفلام وقالت بجدية: "كل شيء سيكون على ما يرام". استغربت جدًا لأن ليس من المعتاد أن يتحدث معك شخص غريب في السويد هذا عدا أنها قالت لي الجملة باللغة الإنجليزية، وليس بالسويدية، ثم قالت: "ها هو المترو وصل الحقي به"، فذهبت، ولحقت بالمترو، وتركتها. إلى اليوم كلما أتذكرها أشعر وكأنني كنت أعيش داخل فيلم في مشهد تمثيلي دراماتيكي. هذا الموقف أثر في نفسيتي كثيرًا، وجعلني في ذاك الوقت، وفي "عز النكد" أتفاءل بأن "كل شيء سيكون على ما يرام" كما قالت لي هذه المرأة الغامضة، وفعلا كل شيء أصبح على ما يرام، والحمد لله.
مواقف كثيرة شبيهة بهذه حدثت لي من أشخاص لا أعرفهم يغيرون في حياتي الكثير، ولكن أكثر ما يسعدني هو اليوم الذي أبدأ فيه صباحي بركوب الحافلة التي يكون سائقها شخص ودود يصنع يومي بلطافته، وهذا ما حدث معي صباح البارحة. ركبت الحافلة فقالت لي سائقة الباص: "مرحبا" سمعتها فرفعت رأسي لأرى ابتسامتها، فابتسمت بالمثل، وشعرت بالسعادة، ثم وهي تقود الحافلة استخدمت الميكروفون لتعطي لنا معلومات عن المحطة القادمة رغم أن السائقين الاخرين لا يفعلون ذلك أبدًا، ولكنها قررت أن تكون لطيفة، وبذلك أسعدتنا جميعا.
قال لي صديقي أنه أيضا يشعر بالسعادة عندما يصادف أن يركب مع سائق باص يتمنى للجميع يومًا سعيدًا، وينصحهم بأن يهتموا بأنفسهم. أشياء صغيرة جدًا لها وقع كبير على النفس، وتغيِّر الكثير في حياتنا، تخيل معي لو أننا جميعا قررنا أن نكون لطيفين، وقلنا كلمة لطيفة أو ابتسمنا فقط، كم سيغير هذا في حياة الآخرين، وفي حياتنا نحن، وفي العالم بشكل عام؟ فلنجرب ذلك، ونرى.