تقول الأسطورة إن الآلهة حكمت على سيزيف، وهو أحد ملوك الإغريق، بحمل صخرة عظيمة والصعود بها إلى قمة جبل، عقابا له على فعائله لأنه أفشى أسرار الآلهة.
في العقوبة التي كان عليه أن ينفذها، كان سيزيف، كلما وصل إلى القمة، تدحرجت الصخرة التي يحملها إلى الأسفل، فكان عليه في كل مرّة أن يعاود الكرة. لكن عبثا بدون جدوى.
ترى هل يمكن أنْ نتخيّل شخصاً كهذا سعيدًا؟ هل يمكن المرء، إذا كان يظلّ يجرّب أن يحقق شيئاً ويفشل، أنْ يشعر بالسعادة، على الرغم من عودته، مرّة تلو مرّة، الى نقطة الصفر؟ هذا ما يجب أنْ نفعله، على قول ألبر كامو.
فالعاشق، مثلاً، الذي تمنى تجاربه بالفشل مرارًا وتكرارًا، وتنتهي علاقاته إلى المرارة والطريق المسدود، ألا نراه يجرّب ويعيد الكرّة، مقنعا نفسه بأنّ قلبه لن ينكسر في أحد الأيّام، وبأنه لا بدّ سيحظى أخيراً بالحب المنشود؟
وماذا عن أصحاب الطموحات الكبرى؟ كم من قصّة مذهلة سمعنا عن رجل أعمال بدأ من لا شيء، وظل يصادف جداراً تلو جدار، لكنه لم يفقد الأمل ولم يستسلم رغم تعبه، الى أن تمكّن أخيراً من تحقيق طموحاته فوصل الى القمة؟
ثم ماذا عنّا في لبنان؟ كم من الانكسارات، كم من الضربات، كم من الإحباطات الموجعة قد واجهنا في تاريخنا الحديث؟ ورغم ذلك، لمّا تزل غالبيتنا تحمل صخرة هذه البلاد وتصدّق أننا يوماً ما سوف نكسر هذه الحلقة المفرغة ونخرج الى الخلاص.
هكذا بعض البشر. إنّ المؤمن منهم بقضيّة كبرى، يحمله إيمانه على تحدّي المستحيلات، أيًّا تكن المشقات والأهوال التي يتعرّض لها، وإن اضطر إلى تكرار التحدّي ألف مرّة ومرة. في هذا السيناريو، وفي ما يوازيه ويشابهه، لا بدّ أن نتخيل شخصاً كهذا سعيدًا.
نعم. هكذا بعض البشر. وأنا منهم.