قبل سنوات وعندما كنت أمشي في أحد أهم شوارع استوكهولم لفتت نظري كلمات مكتوبة على الأرض لم أفهم منها شيئا، ولكنني عرفت أن صاحب الكلمات كاتب شهير في (السويد)، وقبل أيام عرفت من هو هذا الكاتب، والروائي المسرحي عندما درسنا مسرحية سويدية روائية اسمها (الآنسة جولي)، إنه (أوغست ستريندبيرغ). عندما طلب منا المعلم قراءة المسرحية الروائية الدراماتيكية (الآنسة جولي) الشبيهة بمسرحيات (شكسبير)، أصابني الفزع.
المسرحية كُتبت عام 1888، وكلماتها شديدة التعقيد، فالكاتب يستخدم كلمات قديمة لم تعد مستخدمة اليوم. لاحظت أن اللغة أكثر توصيفا، وثراء من اللغة السويدية الموجودة اليوم، ثم وجدت نفسي أغوص في هذه المسرحية، وأحداثها التي تحكي عن قضايا التفاعل بين الطبقات الاجتماعية، سواء طبقة النبلاء، وطبقة الشعب، أو الطبقية الموجودة في ذاك الوقت بين الرجل، والمرأة. فهي تحكي عن محاولة الآنسة (جولي) إغراء الخادم (جون) الذي يعمل في بيتها، وممارسة سلطتها عليه. (جون) أيضا يحاول استخدام (جولي) للطلوع إلى درجة أعلى في سلّم طبقات المجتمع، ثم بعد ذلك نعرف أن (جولي) نفسها تعاني من سلطة أخرى تمارس عليها، ومن تناقضات داخلها، ولا تستطيع لا هي، ولا (جون) تحقيق أحلامهم، وتنتهي الرواية بقتلها لنفسها.
أصابني القليل من التشاؤم، وأنا اقرأ وصف الرواية المسرحية لوضع المرأة الذي يشبه نساء كثيرات اليوم، وعندما ناقشنا المسرحية كان المعلم يتحدث عن هذه اللامساواة بين الرجل، والمرأة، وكأنه موضوع قديم جدًا لم يعد موجودًا اليوم، ثم أصابني الحزن عندما فكرت أين كانت اليمن عام 1888 كانت في ظلمات الظلمات طبعًا تحت حكم الإمامة الذين يريدون العودة اليوم، وقبل أن نحلم بالتطور لليمن أصبحنا فقط نحلم بألا نعود لذاك الزمان.
عدت لقراءة الرواية، وقررت أن استمتع فقط بأحداثها، وأن أتوقف عن المقارنات التي دائما ما تزعجني، وتعكر صفوي. لا أعلم إن كانت هناك نسخة متوفرة من الرواية باللغة العربية، ولكنني أنصح بقراءتها لمن يحب هذا النوع من الأدب.