أشاهدها، وهي تكتب ليلا نهارا على وسائل التواصل رغم مرضها الذي يحتاج منها الاهتمام بصحتها وأتساءل ما الذي يجعلها تفعل ذلك؟ لماذا لا ترتاح. أراها، وهي تهرب من نفسها، من جروح نفسية قديمة لم تندمل، وإنما تقيحت إلى أن تسببت بمشاكل أخرى جسدية، فالنفس اذا لم تجد من يعالجها، وإن لم تسمعها رغم كل محاولاتها للفت نظرك قد تحاول أن تحدثك بشكل أكثر عنفا عن طريق مصائب تحدث في حياتك، ليس لأنها كارهة لك، ولكن لأن ذلك قد يهزك، ويجعلك تنتبه لها، ولما تريد أن تقوله لك.
كثيرون يهربون من مواجهة دواخل أنفسهم بالانشغال بأشياء أخرى، يظنون أنها مفيدة لهم أو لغيرهم، ولكنها في الحقيقة مؤذية، وتسبب لهم بحالة هوس وإدمان. لا أتحدث هنا عن المخدرات مثلا، ولكن عن أشياء لها نفس تأثير المخدرات مثل إدمان وسائل التواصل، متابعة الأخبار السياسية بشراهة مثلاً، أو إدمان مشاهدة المسلسلات الكورية والتركية.
الاندماج في أحداث خارجية لا علاقة لها بك كنوع من التهرب من رؤية حياتك أنت والظلام الذي يخيفك، الظلام الموجود في نفسك.
هذا الخوف هناك من يعيشه لسنوات طويلة رغم أن حياته تتدهور كل يوم، ولكنه يلقي اللوم على كل ما هو خارج نفسه، ولا يستطيع أن يرى السبب الحقيقي، وتستمر أحداث العالم الخارجي في أن تكون محور حياته، كل يوم حدث جديد، وهو يتابع، وكأنه ينتظر شيئا سيتغير في حياته، يراقب هذا وذاك إلى أن يأتي أخيرا اليوم الذي ينتبه فيه بأن العمر مضى، وهو مشغول عن نفسه معتقدا أنه كان على الطريق الصحيح، بينما في الحقيقة كل ما كان يفعله هو الهروب.. الهروب فقط.
لذلك إن لاحظت بأنك طوال الوقت مشغول بأشياء ليست لها علاقة بك… انتبه… راقب …انظر لنفسك وكأنك أنت أهم حدث سياسي، أنت أهم مسلسل، راقب ما هي أحداث حياتك، ما هو نوع الدراما؟ ولماذا وصلت لهذا الحال وما الذي يحتاج منك لأن تعالجه؟ وما الماضي الذي يحتاج لأن تواجهه، وربما تعقد مع هذا الماضي اتفاقية سلام.
هنا فقط تكون قد فعلت أفضل عمل خيري لك، ولكل البشرية، فقد أنقذت روحاً كانت تتألم، نعم هي روحك، ونعم وقتها فقط ستستطيع أن تحدث تغييراً في هذا العالم، تغييراً حقيقياً.