كلما وقعنا في الحب، شعرنا أنه سيكون، هذه المرّة، غير كل المرّات السابقة. شعرنا أنها ستدوم الى الأبد، هذه الحالة المُسكرة التي تجعل حياتنا جميلة وغنية وقابلة للاحتمال
كلما وقعنا في الحب، شعرنا أنه سيكون، هذه المرّة، غير كل المرّات السابقة. شعرنا أنها ستدوم الى الأبد، هذه الحالة المُسكرة التي تجعل حياتنا جميلة وغنية وقابلة للاحتمال. ولكن، للأسف، غالبية العلاقات لها مدة صلاحية، اعترفنا بهذه الحقيقة أم أنكرناها، قبلنا بها أم تعامينا عنها، تصرفنا بناء عليها أم تجاهلناها. كيف لا ونحن نتغيّر يومياً، بل في كل لحظة، وتتغيّر معنا حاجاتنا ورغباتنا وتطلعاتنا وحتى بعض طباعنا وسلوكياتنا؟ كيف يمكن ألا يؤثر ذلك على الكيمياء، وعلى الدينامية، بيننا وبين شخص آخر؟
من جهتي، لطالما كنتُ راديكالية في الحب. لم أستطع يوماً أن أغضّ النظر إذا ما خف الوهج وبهت الشغف الأول بيني وبين حبيب؛ لم أستطع يوماً أن أطنّش على الصدوع ولحظات الضجر أو البرودة أو التأفف أو طفحان الكيل. نعم، لطالما كنتُ مثالية في العلاقات (ومتمسّكة، عن وعي وخَيار، بمثاليتي هذه). فأنا لا أتقن (ولا أريد أن أتقن) فن تدوير الزوايا وتمشية الحال من أجل الأهل أو المجتمع أو الأولاد أو السمعة أو المظاهر أو المصلحة الشخصية، الخ. أقع في الحب وأعيشه من أجلي أنا أولاً، لا من أجل سبب آخر، أكان هذا السبب إرضاء العائلة أم إنجاب الأطفال أم التماثل مع الأعراف أم نشدان الصحبة، الى ما هنالك من المسوّغات- كالخوف أو الكسل أو العادة أو الحاجة، وهلم- التي تجعل الناس أحياناً راضية بالعيش في نعش. لا أستسيغ الفتور ولا الكلام من نوع أن "الحب الناجح يتحول الى صداقة". الحب الناجح عندي هو ذاك الذي يظل حباً وشغفاً وولهاً؛ إما الطوفان، أو لا شيء.
لأجل ذلك، لستُ مِمَّن يبقون في علاقة "على الرغم من"، بل مِمَّن يحتاجون الى دوافع جامحة للبقاء، ولا يترددون في المغادرة إذا ما غابت هذه الدوافع.
الحياة أقصر، صدّقوني. أقصر بكثير. والحبّ أغلى وأجمل. أغلى وأجمل بكثير.