يستدل من خلاصات جولة انتوني بلينكن الأخيرة في دول الشرق الأوسط تبلور الرؤية الأمريكية حيال مستقبل قطاع غزة والصراع الاسرائيلي - الفلسطيني- العربي ، وتقضي ب " تأمين دعم الزعماء العرب التكامل الإقليمي، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مقابل إنهاء حرب غزة، وقبول إسرائيل "مساراً واضحاً" للحصول على الحقوق السياسية الفلسطينية ودولة فلسطينية موحدة تضم الضفة الغربية وغزة" .
ويعتبر مصدر أميركي إن الخطة سيكون لها فائدة إضافية تتمثل في عزل إيران وتقليل ما اسماه " الجهود الخبيثة لزعزعة استقرار المنطقة من خلال الجهات الفاعلة بالوكالة مثل حزب الله وحماس وحركة الحوثي" .
وفي محادثة مع محاور عربي، اعترف وزير الخارجية الأمريكي بأن تبني اقتراح واشنطن سيتطلب بعض الخيارات الصعبة من جانب الإسرائيليين، لكنه أصر على أن الوعد بالسلام الإقليمي الدائم يستحق كل هذا الجهد.
وقال بلينكن: "الطريق الآخر هو الاستمرار في رؤية الإرهاب والعدمية والدمار الذي تسببه حماس وجماعة الحوثي وحزب الله، وكلها أطراف مدعومة من إيران".
والغريب ان يتم كل التركيز الاميركي على تصورات اليوم التالي قبل اولوية وقف إطلاق النار في غزة. واتضح ان أقصى ما طرحه بلينكن كان تخفيف العمليات في غزة او انتقالها لمرحلة جديدة مقابل الحصول على تهدئة في جبهتي جنوب لبنان والبحر الأحمر. وكل هذا يدلل على ان الضغط الأمريكي غير كاف او يعد ذلك مؤشرا على خلل في الاداء .
ووراء الرفض الاسرائيلي لوقف الحرب او تغيير اهدافها ، كما لعدم قبول خطة واشنطن لليوم التالي، عنوان وحيد وهو استعصاء نتنياهو .
قبل السابع من اكتوبر كانت العلاقة بين جو بايدن وبنيامين نتنياهو في الحضيض، وبالرغم من ذلك سارع الرئيس الأمريكي لاحتضان إسرائيل ومساعدة نتنياهو على لملمة وضعه عبر المجلس الحربي، ولم تبخل واشنطن بتوفير أقصى الدعم السياسي والعسكري الأشبه بالمشاركة في ادارة العمليات. لكن خيارات نتنياهو تبدو مختلفة جدا عن اقتراحات ادارة بايدن ، اذ لا يزال متعنتاً بخصوص غزة و تمويل السلطة الفلسطينية وحل الدولتين ، ومن الممكن ان يلعب ورقة التحدي وتوسيع رقعة الحرب. ويركز غالبية المحللين على ربط ذلك بمستقبله الشخصي والسياسي المهدد، لكن ليس من الاكيد ان المشهد السياسي الإسرائيلي سيكون متجاوبا مع رؤية الامريكيين في حال ازاحة استعصاء نتنياهو.
يراهن البعض في واشنطن على أن " إسرائيل ليس لديها خيار في نهاية المطاف" .وانه " إذا لم تقدم إسرائيل تنازلات ،فسوف يتم تركها للتعامل مع الفوضى والدمار الذي أحدثته في غزة لوحدها."