كثيرا ما ننتقد انعدام السلوكيات المواطنة وعددا من الظواهر السلبية في مجتمعنا.
لكن كارثة كبيرة كزلزال الحوز، قد تكون فرصة لنتذكر الجميل فينا وحولنا.
في الساعات الأولى بعد الفاجعة، توافد المغاربة بالمئات أمام المستشفيات للتبرع بالدم. نفس ذلك المواطن الذي كان الكثيرون ينتقدون سلوكياته غير المواطنة، انتظر لأزيد من ثلاث ساعات كي يصل دوره ويتبرع بالدم لضحايا الزلزال، بشكل عفوي ودون أن ينتظر أوامر من أي جهة.
توافد المغاربة بالآلاف نحو المناطق المنكوبة. ومن لم ينتقلوا مباشرة، ساهموا في حملات تبرع لا يمكن إلا أن نقف أمامها بكل تقدير وفخر. أغنياء وفقراء، كل حسب إمكانياته. منهم من اقتنى كميات كبيرة من الأغطية والمواد الغدائية والملابس، تماما كما تبرع أشخاص بسطاء بقنينة زيت من سعة 5 لتر، أو كيس من الدقيق. طفل من قرية صغيرة فقيرة يتبرع باللعبة الوحيدة التي يتوفر عليها. سيدة تتبرع بخاتمها، قطعة الذهب الوحيدة التي تملكها!
مئات القوافل انطلقت من كل مدن المغرب: من طنجة، من العيون والداخلة، من مراكش، من سلا.
حتى الضحايا أبرزوا الأجمل فيهم. كثيرون من سكان القرى المنكوبة كانوا يتواصلون مع المواطنين الذين يحملون التبرعات لكي يخبروهم أن لديهم ما يكفي من المؤونات وأن التبرعات يفترض أن تتوجه لمناطق أخرى لم تصلها المساعدات. لم نشاهد ما كنا قد نتوقعه من رغبة في الاستحواذ على الأكثر. لا، حين اكتفت القرى، حتى وهي في عز الفاجعة، فكرت فيمن يملك أقل!
مؤسسات الدولة التي ننتقدها في الكثير من المناسبات، كانت مبهرة بانخراطها التام لإغاثة الجرحى، لكن أيضا بالدعم المادي واللوجيستيكي والمعنوي للضحايا.
من المؤكد أن هناك الكثير مما نحتاج القيام به لاحقا: إعادة الإعمار، خاصة وفصل الشتاء على الأبواب، متابعة ومواكبة الضحايا وخصوصا الأطفال منهم، وغير ذلك..
لكن الزلزال أبرز أجمل ما فينا كمغاربة. أبرز الإنسان فينا وقيم التضامن العفوي التي لم تحتج سلطات لتوجهها. انطلقت بشكل عفوي ساهم فيها الكبير والصغير، الغني والفقير، النساء والرجال.
الزلزال فاجعة... لكنه بالتأكيد كان فرصة لكي نكون فخورين بالإنسان فينا!