لا تخرج زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العراق عن إطار التحضيرات التي يتولاها عادة مبعوثون رسميون تمهيدا لزيارة قادة دولهم, من ملوك ورؤساء جمهوريات وحكومات.
ولا يخرج عن المالوف قول مسؤولي البلدين أن المحادثات التمهيدية لزيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كانت إيجابية ولكن هذه المحادثات لم تزل بالطبع كل التباينات بشأن القضايا المطروحة واهمها: استئناف تصدير نفط كردستانو محاربة الإرهاب بعد عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية وإضافة حزب العمال الكردستاني إلى لائحة التنظيميات المصنفة إرهابية .
لم يكن من الصعب الاتفاق على البندين الأولين. فبغداد كسبت دعوى قضائية دولية تعطيها حق استيفاء رسوم عن تصدير نفط كردستان العراق عبر الموانئ التركية. وفي قبول انقرة بهذا الحكم الدولي اعتراف منها بسيادة بغداد على الثروة النفطية بعدما دأبت أربيل في السنوات الماضية على تجاهل مرجعية الحكومة المركزية وتصدير النفط مباشرة .
اما محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لم تكن يوما موضع خلاف بين البلدين نظرا للخطر الذي يشكله هذا التنظيم عليهما معا. وما تجديد الزائر التركي والمضيف العراقي العزم على التعاون في محاربة التنظيم المتطرف الا من ضرورات المصلحة المشتركة وبديهيات احاطة الزيارة بأجواء إيجابية ,
تبقى العقدة الكبرى في مطالبة اردوغان الحكومة العراقية يوضع حزب العمال الكردستاني على لائحة الإرهاب. أمام هذا المطلب على حكومة محمد شيا السوداني ان تختار بين الاستجابة للمطلب التركي وبالتالي الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع حزب العمال وفي عداوة مع أكراد العراق الأمر الذي سيؤدي إلى زعزة الاستقرار الداخلي والى تفكك صيغة الحكم المركزي القائم على الشراكة بين الشيعة والسنة والاكراد وبين رفض الاستجابة لطلب يعتبره اردوغان حيويا للتطبيع الكامل مع البلد الجار والخيار الأخير يقوم على موافقة العراق على العمليات العسكرية التركية داخل أراضيه ضد الأكراد وهذا يعني تخل عن سيادته الوطنية. خيارات أحلاها مر عند الحكومة العراقية ولكنها تحكم زيارة أردوغان المنتظرة.