أندهش جدا من غياب المنطق عند بعض من يدعون التدين. بل إن البعض بيفتخر جدا بإنه بيبتعد عن المنطق وقت تنفيذه للأوامرالدينية، ويردد بمنتهى الفخرعبارات زي :”الدين بالنقل وليس بالعقل" أو "لو كان الدين بالعقل لمسحنا باطن الحذاء لا وجهه". وعلى الرغم من حفظ هؤلاء لآيات عديدة من الكتاب الكريم اللي بيقول فيها رب العزة في مواضع عدة (أفلا تتفكرون) أو (أفلا تعقلون). إلا إن الفعلين دول غالبا ما بيسقطوا منهم سهوا أثناء ممارسات بيتخيلوا إنها بتقربهم من ربنا أكتر أو إنها دليل على تدينهم وتقواهم.
الأسبوع ده مثلا قريت على صفحات السوشيال ميديا نموذجين صارخين، أحدهما أصبح تريند وأثار الجدل، والتاني لم يتح له الحظ ذلك. النموذج اللي ما أصبحش تريند كان بوست على صفحة طبيب يدعي التدين، وبيحكي عن شبابه وعن تجربتين مروا بيه، أولاهما إنه لما كان في الكلية أقسم إنه مش هيلمس أي امرأة لأي سبب كان، ولما جه معاد الامتحان العملي في مادة النسا والولادة رفض إنه يقوم بالكشف على المريضة وصمم إنه يجاوب نظري بس، ولإنه كان متوصي عليه فاللي كان بيمتحنه عداهاله وحمد ربنا على إنه فلت من ارتكاب كبيرة من الكبائر في خياله وهي إنه يلمس امرأة.
لحد ما كان بيحكي لصديق له فالصديق ده اعترض وحكاله حكاية عن زميل ليهم جه تكليفه في وحدة صحية بعيدة كان فيها حالة ولادة متعثرة ولإنه هو كمان كان رافض الجزء العملي من الدراسة كانت النتيجة إن الست ماتت وهو واقف قصادها مش عارف يعملها حاجة.
التجربة التانية كانت لما الطبيب ده بعد ما التحق بالعمل حصل خلاف بينه وبين رئيسة التمريض داخل غرفة العمليات، هو طالبها إنها تخرج المريض بره وهي رفضت ولأنه – تاني بيرفض لمس النساء فقرر إنه يزق نقالة المريض في بطنها عشان يخرجها هي والمريض بره، مع العلم إنها كانت حامل في شهورها الأخيرة . ولما عرف أحد أساتذته نهره بشدة وسأله: هي دي التقوى، أيهما عند الله أكبر؟!.. عشان ما تلمسهاش، تقوم تسقطها؟!!
ننط من البوست التقيل ده لبوست كوميدي للدرجة اللي عملت منه تريند عن أخت تصف نفسها بالالتزام بتشكر فيه مندوب توصيل لإنه رفض إنه يسلمها "منتج" ما غير لما كلم صاحبة المنتج وأكدت له بعد ما ألحت عليها في السؤال إن الزبونة مش هتلبس "المنتج" ده إلا في البيت، لأن حسب كلامها المندوب ما بيحبش يوصل أوردرات تخالف الشرع، وراحت الزبونة حكت لجوزها اللي كلم مندوب التوصيل وشكره ونزلت الزبونة بوست بتمدحه فيه وبتمدح درجة تدينه.
وزي ما هو واضح لا صاحبة "المنتج"( اللي ما نعرفش بأه هو فستان والا بنطلون والا مايوه)، ولا الزبونة اللي اشترته ولا جوزها وقفوا للحظة وفكروا في منطقية فكرة إن الديلفري فتح الأوردار وفرزه، وقلق منه من الناحية الشرعية، وفوق ده كله طالب الزبونة بمعلومة خاصة زي إنها توضح هتستخدمه فين بالظبط. يعني تجسس وخيانة أمانة وحشرية ووصاية وكمان خيالات جنسية. لكن لما بيحطها البعض في إطار شرعي بيطلق عليها تدين واجتناب شبهات.
درجة من غياب المنطق واختفاؤه بتخلي الواحد يشك في نفسه والله، هل هو اللي مكبر المواضيع؟ هل مش متدين كفاية؟ والا الناس اخترعت نوع جديد من التدين بتعدي تعاليمه من مكان تاني غير مخهم قبل ما تتحول لأفعال غالبا ما تتحدى المنطق ويكاد يعاقب عليها القانون؟