إنه موسم نتائج الثانوية العامة من جديد، وقت مليان بالفرح والحزن والفخر والإحباط والنظر إلى المستقبل بمزيج من الحماس والقلق.
هل يعني حصولك على 95 بالمية يعني إن بقية مسيرتك في الحياة مفروشة بالورود؟ هل حصولك على 60 بالمية يعني إنك هتقضي بقية عمرك فاشل وفقير ووحيد؟ لو مؤمن تماماً بالكلام ده فالحياة محضرالك مفاجأة !
كلنا واحنا في عمر ال 16 او 17 سنة كان هو ده تصورنا عن الحياة، إن مؤشر مكتب التنسيق مؤشر كافي جدا عشان يدلنا على صورة حياتنا القادمة. مافيش حد فينا بيكون مستعد للخدعة الكبرى اللي بتقول إن الثانوية العامة هي آخر أيام النظام والمنطق. آخر مرحلة يكون تعريف الاجتهاد فيها كما عهدناه في حياتنا المدرسية. بعدها فيه قواعد ل عب جديدة، وقواعد فوز ونجاح مختلفة تماما عما قبل.
على سبيل المثال لا الحصر فمش مهم قوي هتلتحق بأي كلية، و لا يا ترى دخلت الكلية دي بأي مجموع، فقد أعادت الحياة ترتيب أوراق الكوتشينة.
صديقك اللي كنت بتشعر بالشفقة ناحيته بسبب التحاقه بكلية لا تنتمي لكليات القمة ممكن يلاقي نفسه في كليته الجديدة، ويتفاجيء بإن كل شيء يبدو سهل ومنطقي ومفهوم بالنسبة له للدرجة اللي تخليه يرتب على الدفعة ويتعين معيد، فدكتور في الجامعة، وفجأة يصبح صاحب مكانة اجتماعية لم تتخيل إنه يوصل لها. وحتى إن لم يتفوق في جامعته، فبعد تخرجه قد يلتحق بالعمل في مكان يناسبه تماما، فيترقى ويكافأ ويعتلي سلم النجاح اللي انت عمرك ما تخيلته يكون إلا في أسفله قابعا في بير السلم.
بينما صديقك التاني اللي تخيل إنه بما إنه التحق بكلية في أعلى سلم مكتب التنسيق، وارتاح لفكرة إنه من الشريحة الأفضل في البلد، ممكن جدا يظل بقية حياته يستنزفه الشعور بالمظلومية لأنه على الرغم من إنه مش بيحاول يحسن من وضعه لكنه في الوقت نفسه حاسس إن العالم مدين ليه بحاجة فقط لأنه قدر يحفظ شوية معلومات ويعيد كتابتهم في كراسة الإجابة.
أمك برضه هيسقط في يدها، لما تلاقيك رميت شهادتك ورا ضهرك، والظروف استدعت إنك تدرس"آي تي" أو"إيه آي"، أو أي حاجة مكونة من حرفين أو تلاتة باللغة الإنجليزية، لأنها في الحالة دي مش هتعرف تقارن بشكل واضح بينك وبين ابن خالتك، لأنه هو كمان بياخد كورسات بحروف انجليزي، وهي لا عارفة تنطق إسم الكورس ولا تحدد مين فيكم أشطر أو مستقبله أحسن، ولا خالتك كمان عارفة بالمناسبة.
الملخص ببساطة إن فترة ما بعد الثانوية العامة، فترة فريش، طازة، بداية من أول وجديد، لو تخيلت للحظة إن الحياة قبلها هي هي بعدها، فاستعد لمقلب كبير بعده هتقولك الحياة عليك واحد. وتخيلك إن الثانوية عامة هي أصعب شيء في الدنيا، وإنها عنق الزجاجة، اللي انت خلاص عبرته وبعده العالم هيرحب بيك مفتوح الذراعين، ده يتوقف على كونك فاهم ومدرك ومتوقع إن احنا صفرنا العداد، و بدأنا سباق جديد، بقواعد جديدة، وكل متسابق فيه فرصه للنجاح مساوية تماما لفرص الآخرين، ومتوقفة فقط على قدرته على فهم نفسه وقدراته، ووضع نفسه في المكان اللي يناسبه واللي يقدر يلمع ويتفوق فيه..