هذه المدونة أهديها لروح جدة ابنتي، وحماتي سابقاً. المرحومة (نبيلة عبدالرحمن الإرياني).
الكثير من اليمنيين يعرفون القاضي (عبدالرحمن الإرياني) الرئيس السابق لليمن، والمؤرخ، والشاعر (مطهر الإرياني).
هذه المرأة كانت ابنة شخصية عظيمة، وزوجة رجل عظيم، ولكن من هي؟ وكيف كانت؟
كما تعرفون أن اليمن لم تكن فيها مدارس للنساء إلا بعد ثورة ١٩٦٢، وقد حرمت معظم النساء من التعليم، وتحدثت في مدونة سابقة عن والدتي، وغيرها من النساء اللواتي تعلمن قراءة القرآن، ومنهنّ أيضا من أكتب عنها اليوم (نبيلة الإرياني). كانت (عمة نبيلة) -أو كما كنت أحب أن أسميها (ماما نبيلة)- تتمتع بذكاء حاد، ولو أنها دخلت الجامعة لكانت وصلت لأعلى المناصب.
كنت أندهش عندما أراها تدير بيتها باحترافية، وحكمة، وكأنها خبيرة اقتصادية، وإدارية، تعرف كيف تدبر شؤونه، وماذا عليها أن تفعل، ويومياً يجب أن تقوم في نهاية اليوم بكتابة ماذا ستحتاج لليوم التالي.
اليوم أتذكرها، وأحاول أن أفعل مثلها، فأنا بطبعي لم أكن إدارية جيدة، وأميل أكثر للتلقائية، وعدم التخطيط، ولكن هذه المرأة القوية كانت تخطط، وترتب كل شيء في حياة أسرتها.
قد يظن الشخص أن امرأة بهذه القوة ستكون شخصيتها صارمة وقاسية، ولكن على العكس تماماً، كانت (ماما نبيلة) حنونة جداً، ومن أحن الشخصيات التي قابلتها في حياتي، وكنت محظوظة جداً بأنني لم أعش تجربة الحموات السيئة التي أسمع عنها. ماما نبيلة كانت (حقانية) جداً، أي عادلة في تصرفاتها، وحكمها على الناس، وكانت متسامحة لأبعد الحدود، ولديها وعي عال.
أشعر أنني مهما وصفتها لن أعطيها حقها، وأعلم أن التاريخ سيتذكر الرجال العظماء الذين مروا في حياتها، وغالباً لن يتذكرها، ولكنني في هذه المدونة أردت أن أعرفكم عليها لعلكم تترحمون على هذه المرأة التي عشت في بيتها كزوجة لابنها خمس سنوات، ولم أر منها إلا كل خير.. الرحمة لروح هذه الملاك.