أتأمّلها وهي أمام مكينة الخياطة، وأمامها ورود بنفسجية بداخل "الفازة"، والقط الأبيض يجلس باسترخاء على الطاولة بينما أسمع صوت عزف الأب للبيانو وكأنّني بداخل فيلم قديم من أيّام الزمن الجميل. في كلّ مرّة أزور فيها هذا البيت الأزرق أشعر بدفء ليس فقط بسبب جماله الداخليّ والخارجيّ، ولكن بسبب جمال ساكنيه، الأب والأمّ.
في جزيرة خارج أستوكهولم يوجد هذا البيت، استغرق الوقت ساعتين لأصل. وجدت الأب في استقبالي بسيارته مبتسمًا ومرحّبًا بمجرّد أن وصلت العبّارة للجزيرة.
وصلنا البيت واستقبلنا الكلب أميجو الذي قفز مرحّبًا بي، على الباب كان اسم الاب والأمّ معلّقًا باللغة العربية كتبها شخص عربيّ كان مرتبطًا بابنتهما، ورغم أنّهما انفصلا إلا أنّ هذه اللوحة بقيت على جدار المدخل.
عندما عرفتهما لأول مرة عن طريق ابنهم كنت مستغربة أنّ هذه العائلة التي تتكوّن من أب وأمّ وأربعة أبناء وبنات بالإضافة لسبعة الأحفاد جميعهم طيبون. هذا البيت الذي عندما تدخله تشعر أنّك ضمن لوحة فنّية لأنّ الأمّ موهوبة، تعرف كيف تنسّق الألوان وترسم رسومات جميلة، وتخيط القماش الذي تصنع منه أشياء جميلة. عندما أشاهدها أتمنّى لو كانت لديّ الموهبة التي تمتلكها، ليتني أستطيع أن أرسم، وأن أصنع بيديّ كلّ هذا الجمال.
اقترب الكريسمس ولذلك تقوم الأمّ بخياطة الكثير من الاشياء لكي تباع في سوق الكريسمس في الجزيرة، وتذهب أموال هذا السوق للتبرّع لإحدى المنظّمات. كانت الأمّ متحمّسة وهي تريني ماذا صنعت للمعرض، وتقول بأنّها سعيدة لتقديمها المساعدة بأيّ شكل من الأشكال.
عندما أتأمّل حياة هذين الزوجين اللذين أحبّا بعضهما لأكثر من خمسين سنة، أجد أنّهما يستحقّان هذه الحياة الجميلة، لأنّ قلبيهما مليئان بالحبّ والرغبة في مساعدة الآخرين، لأنّ حسن الظنّ وعدم رمي الأحكام هو ما يؤمنان به، لأنّهما ربّيا أبناءهما وأحفادهما على المحبّة، وحتّى القطّ والكلب اللذان يعيشان معهما تطبّعا بنفس طباعهما. لذلك استحقّا هذه الحياة الهادئة الغنية بالحبّ والفنّ في هذه الجزيرة الجميلة. لأوّل مرّة أشعر بأنّ الحياة عادلة.