ونقول كمان: في مجتمعاتنا نعيد مرارا و تكرارا سؤالا قد يعتبره البعض ساخرا، لكن اللي يبص حواليه يتأكد إنه سؤال منطقي جدا ومشروع ولا يحتوي على أي قدر من السخرية، والمثل الشعبي يقول:” اللي ما يشوفش من الغربال يبقى أعمى“والسؤال المقصود هو : هل المرأة إنسان؟!
سؤال منطقي في مجتمعات بنقرا فيها كل يوم الصبح أخبار عن النساء بتؤكد بما لا يدع أي مجال للشك إن الوعي المجتمعي بيعتبرهن أقل شأنا من دابة. وده بيدي فرص كتيرة لأطياف كتيرة من المجتمع، أهمهم الناس اللي بتاخدها من قصرها وتتخلص من النساء اللي معكننة عليهم حياتهم، مرة واحدة وإلى الأبد.
الأسبوع ده مثلا صاحب الحظ السعيد كان شاب ضرب أمه حتى الموت بمساعدة جدته، بدعوى الشك في سلوكها (خد بالك من كلمة” الشك“يعني حتى ما عندوش إثبات) و كما اعتدنا فقد نظر له القاضي نظرة كلها رحمة وعامله هو وجدته بكل الرأفة الممكنة، فأخد هو براءة وأخدت جدته سنة مع إيقاف التنفيذ.
تعالى نتخيل إن الشاب ده وجدته اعتدوا على رجل، بلاش، خلينا نتخيل انهم اعتدوا على توكتوك. نزلوا فيه ضرب لحد ما اتدمر، تفتكر كان فيه أي حاجة هتوصل حكمهم في قضية الاعتداء على التوكتوك للبراءة وإيقاف التنفيذ؟
إذا دا احنا كمان من حقنا مش بس نسأل هل المرأة إنسان. دا احنا ممكن نسأل: هل المرأة تساوي توكتوك؟
وبينما المجتمع دايما بيلاقي مبررات لما تسمى جرايم الشرف، ففي أوقات كتيرة ما بيكونش موضوع الشرف إلا مجرد غطاء للتغطية على التعنيف المستمر أو حتى للطمع في ميراث أو أموال المغدور بها.
الأسبوع الماضي مثلا اكتشف البعض جثة أخرى لفتاة مربوطة بحجر ومحطوطة في شوال ومرمية في النيل. اخواتها العاطلين اللي واحد منهم مدمن ادعوا انهم عملوا كده لسوء سمعتها، لكن فيه كلام بيحوم حوالين رفضها التنازل ليهم عن ميراثها، فكانت الطريقة الأسهل واللي غالبا هيخرجوا بسببها زي الشعرة من العجين، هي ادعاءهم شكهم في سلوكها.
ده غير ان حتى بعيدا عن أكذوبة جرائم الشرف، فالقانون اللي بيعتمد الضرب كوسيلة مقبولة لتأديب النساء، بيوفر غطاء بيبرر العنف وحتى القتل لأي رجل طالما كان مسئول عن كائن اسمه امرأة.
مش محتاجة أفكركم بالرجل اللي أخد براءة بعد ما كهرب مراته حتى الموت بدعوى تأديبها، وأخد إيقاف تنفيذ لأن القاضي شاف ان بنته محتاجاه يخرج و يمارس دوره العظيم كأب في حياتها. أو التاني اللي ربط بناته الاتنين في جنش في السقف ونزل فيهم هم الاتنين ضرب حتى الموت عشان المدرسة بلغته انهم هيسقطوا. وهو كمان غالبا هيخرج معزز مكرم من الفجوة الكبيرة في القانون المسماه ب” تأديب النساء“.
ومن المثير للسخرية إن المرأة دايما في مجتمعاتنا بيتبص لها على إنها كائن أدنى يتطلب الوصاية والحماية، وبالتالي لازم يكون لها ولي ذكر ولو حتى كان ابنها، وفي نفس الوقت بتعلمنا الدنيا والتجارب وصفحة الحوادث ان أكتر شخص هي محتاجة حماية منه هو نفس ذات الذكر اللي المجتمع بيعتبره حاميها.