وصف الجنة
الشيخ حسن الحسيني
رائحة الجنة
إنَّ روائح الدنيا الطيبة، تُقدَّر أثمانها بحسب طيب رائحتها، وطولِ بقائها، وما في الجنة إلا روائحُ طيبة، يشمُّها أهل الجنة، مَن قَرُب ومن بَعُد، وهي روائحُ زكيّةٍ تدوم فلا تنقطع، ولا يضعف أثرها، وريح الجنة هو أول ما يُستقبَل به أهلُ الجنة؛ لأن الروائح الطيبة تدل على طيبِ المكان، والإنسان بطبعه إذا استأجر نُزلاً، أو قصد منتزهًا، فأولُ ما يرغِّبه فيه أو ينفِّره منه، هو: ريحة ذلك المكان، ولذلك النبي ﷺ حين أخبر عن ريح الجنة، ذكر أنه يشمُّ من مسافاتٍ بعيدة، ومما ورد في ذلك أنَّ ريحها يوجد من مسيرةِ أربعينَ سنة، ومن مسيرةِ سبعينَ سنة، ومن مسيرةِ مئةِ سنة، ومن مسيرةِ خمسِ مئة سنة، كل ذلك جاءت به الأحاديث، وهذه ألفاظٌ لا تعارض بينها بوجه، بل يختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأعمال! فمن أدركه من مسافةٍ بعيدة، أفضل ممن أدركه من مسافةٍ قريبة، وأربعون سنة أقلُّ زمنٍ يُدرك به ريح الجنة، وهذا يدلُّ على عظم رائحتها وعبيرها!/ ريح الجنة وما ريح الجنة!! كم اشتاق إلى ريحها الصالحون، فسابقوا إلى رماحِ العدو وسيوفِه، يتلقّون منها المنون، ليبلغوا مُناهم، منهم أنس بن النضر رضي الله عنه، لما هُزِمَ النَّاسُ في غزوة أحد، تقدَّم إلى المشركين، وأخذ يقاتلُهم بكل شجاعةٍ، وهو يقول: "واهًا لريح الجنة، أجده دون أحد"، فقاتلهم حتى قتل، فوُجِد في جسده بضع وثمانون جراحة، ما بين ضربة، وطعنة، ورمية! فما أطيب ريح الجنة، بضع وثمانون جراحة، ما منعت أنسًا رضي الله عنه من التقدم إلى المشركين، حتى لقي ربه عز وجل؛ لأنه وجد ريح الجنة دون أحد، فنسي الدّنيا وما فيها، ولولا أنَّ للجنة ريحًا يُنسِي ملذّاتِ الدنيا كلَّها، لما قال أنس ما قال، ولما ألقى بنفسه على الأعداء!/ في صحيح مسلم أنّ النبي e قال: «إنَّأهْلَالجَنَّةِيَأْكُلُونَفيهاويَشْرَبُونَ، ولا يَتْفُلُونَ ولا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ»، فسأل الصحابة رضي الله عنهم: «فما بالُ الطعام؟» أي: إن كانوا لا يبولون ولا يتغوطون، فأين يذهب طعامهم؟ فقال النبي e: «جُشاءٌ، ورَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْكِ»، أي فضلات الطعام تخرج على هيئة صوتٍ يخرج من الفم عند امتلاء المعدة، وكذلك على هيئة عرقٍ، ريحه كريحة المسك! وقد سأل يهوديٌ نبينا e عن مصرف الطعام والشراب، فأجاب: "حاجتُهم عرقٌ يَفيضُ من جلودهم مثلَ المسك، فإذا البطنُ قد ضَمُر". قال ابن الجوزي: "لما كانت اغذية أهل الجنة في غاية اللطافة والاعتدال، لم يكن فيها أذًى ولا فَضْلةٌ تُستَقذر، بل يتولد عن تلك الأغذية أطيبُ ريحٍ وأحسنُه"./ أيّها المشتاق للجنّة.. ثمةَ ذنوبٌ تَحرِم الإنسان من رائحة الجنة، إما على الدوام كالكفر والنفاق، أو ابتداءً فيسبقُهم الناس إلى ريح الجنة وهم يتأخرون، بسبب ذنوبهم! من هؤلاء المحرومين: من تعلم العلم لغير الله، ومن انتسب إلى غير نسبه، ومن غشَّ رعيته ولم ينصح لها، ونساء كاسيات عاريات، ومنهم امرأة طلبت الطلاق بلا سبب وجيه، ومنهم العاقُ لوالديه، والقاطعُ لرحمه، والشيخُ الزاني، ومن جرَّ إزارَه خيلاء، ومنهم مدمنُ خمر.. هؤلاء يُحرمون شمّ رائحة الجنة.. فإن وجدت نفسك بين هؤلاء، فبادر بالتوبة! فلا يُمنع رائحةَ الجنة إلا محرومٌ!
مرحبًا عشاق البودكاست!
إذا كنت تحب ما تسمعه، فلماذا لا تعلن عن عملك معنا؟
انقر على الرابط أدناه، دعنا نوصل رسالتك إلى جمهورنا الرائع!
https://admanager.fm/client/podcasts/eoa
ميزات الإعلان على البودكاست الخاص بنا:
Hey podcast fans!
If you love what you hear, why not advertise your business with us? Click the link below to get your message out to our awesome audience!
https://admanager.fm/client/podcasts/eoa
Features of advertising on our podcast:
..
تنويه
بعض الكتب لا تظهر في منصات مثل (سبوتيفاي، أنغامي، وغيرها) لذلك يمكنك الإستماع إلى كامل الموسوعة عبر تطبيقات أخرى مثل