كتبت سيدة بأن المحيطين بها، حين يقدمون لها شخصا بهدف التعارف والزواج، وتقول بعد اللقاء إنها لا تراه مناسبا لها، بأن تصورهما للحياة وأحلامهما ومشاريعهما غير متناسقة، أو أنها لم تشعر بانجذاب عاطفي له، يردون عليها بأنها يجب أن تتنازل إن أرادت الزواج.
لماذا علينا أن نتنازل ونحن بصدد خوض تجربة إنسانية مهمة؟ شخص سنعيش معه بشكل يومي، نقتسم التفاصيل الحميمية والحياة اليومية... هل يمكننا أن نتصور تقديم تنازلات في اختيار هذا الشريك، لمجرد أن يبارك لنا المجتمع أننا دخلنا المنظومة الرسمية؟
الحقيقة أن الهدف لا يجب أن يكون الزواجُ في حد ذاته... أن نقرر الزواج ثم نبحث عن شخص نتزوج به. الأصل في الحكاية أن نلتقي بشريك يناسبنا ونقرر أن نبني حياة مشتركة معه. نحن لا نؤسس مقاولة اقتصادية لكي نحسبها بمنطق الربح والخسارة، لأنها في الأصل علاقة إنسانية وعاطفية.
هذا لا يعنى أن الزواج يجب أن يكون نهرا من السعادة اليومية. لكن الأكيد أننا، مع الشريك المناسب لنا، سندبر حتى فترات الصعوبات والمشاكل بشكل أفضل.
لكن المجتمع الذي يقول لكَ ولكِ إن عليكما التنازل، لا يهمه ما تشعران به لاحقا في حياتكما المشتركة. هو يريدكما زوجين وأسرة كالآخرين. سعادتكما الزوجية أو الفردية لا تعنيه.
نفس الشيء بخصوص الإنجاب. العلاقة مع الأسرة. العادات والتقاليد. خروف عيد الأضحى...
معظم الأشخاص الذين يعانون من القهر المجتمعي بخصوص تفاصيل كثيرة، يعيدون إنتاجها ويمارسون نفس القهر على غيرهم. أضحية عيد الأضحى سنة مؤكدة أصبحت في المغرب ركنا من أركان الإسلام، ومن يعانون لكي يشتروا كبشا ب400 و500 دولار بينما أجورهم لا تتجاوز 200 دولارا، هم أنفسهم من سيعيبون على من يقرر عدم شراء الأضحية لأنها تتجاوز إمكانياته. من يعاني من حياة مشتركة مع زوجة أو زوج لا يناسبه بتاتا هو من سيقول لك إن عليك أن تتنازل لكي تكون متزوجا.
لذلك، ليس من السهل بتاتا أن يقرر المرء في مجتمعاتنا أن يعيش حسب اختياراته الخاصة، لأن الآخرين لا يفكرون في سعادتك الخاصة بقدر ما يهمهم أن تكون مثلهم وتشبههم في سلوكياتهم وحتى في قهرهم.
بناء عليه، يبقى أمامنا اختيار جوهري: هل نسعى لكي نكون سعداء في اختياراتنا، أم لأن يكون المجتمع راضٍ عنا؟