فاجأ أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح أسرة الحكم والمجتمع الكويتي باختيار الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح لمنصب ولي العهد.
ومنذ تولي الشيخ مشعل الإمارة في كانون الأول ديسمبر الماضي، كان الوسط السياسي يترقب النهج الذي سيتبعه في الحكم، بعدما كان ناقدا حادا لأحوال الدولة والفساد المالي والإداري، وبالأخص للعلاقة المتردية بين مجلس الأمة والحكومة.
وقد فجر الأمير مشعل أولى مفاجأته في الحادي عشر من أيار مايو الماضي، بعد خمسة أسابيع من أخر انتخابات في الرابع من نيسان أبريل الماضي، إذ حل البرلمان الجديد وأعلن تجميد الحياة البرلمانية لأربع سنوات مقبلة، ووقف العمل ببعض المواد الدستورية.
وعدا أوساط سياسية محدودة لزمت الصمت، فإن شرائح كثيرة من المجتمع رحبت بقرارات الأمير مراهنة على الإصلاح والتغيير اللذين وعد بهما على مستويات عدة، ولاسيما خطط التنمية المزمنة التي تعذر تطبيقها بسبب هيمنة المعارضة الشعبوية على معظم البرلمانات الأخيرة، كما أن الاضطراب السياسي بلغ حد المساس باختصاصات الأمير وصلاحياته، وصولا إلى عرقلة عملية تشكيل الحكومات.
وكان واضحا أن الأمير عقد النية على الذهاب إلى تنقيح دستور العام 1962، وهي مسألة مطروحة منذ عقود، لكن الأمراء السابقين فضلوا تجنبها وتفادي تعقيداتها، فيما يخشى جزء مهم من المجتمع أن يؤدي تعديل الدستور إلى إضعاف الديمقراطية التي تميزت بها الكويت عن سائر دول الخليج، بما تعنيه من مشاركة سياسية ونسبة عالية من حرية التعبير واستقلالية القضاء.
والواقع أن بند الاستجوابات البرلمانية التي يجيزها الدستور لأعضاء الحكومة، وبالأخص لرئيسها الذي يكون عادة من الأسرة الحاكمة، سيكون الأكثر عرضة للتعديل والتقييد، كونه تسبب بتوتير دائم للعلاقة بين البرلمان والحكم، وعكس أحيانا كثيرة صراعات بين شيوخ الأسرة.
ولا شك أن تنقيح الدستور سيشكل إعادة تأسيس للنظام الكويتي ومراجعة للعلاقة التي قام عليها بين الأسرة والمجتمع.
وقبل إعلان اختيار الشيخ صباح الخالد وليا للعهد، كان متداولا أن يعينه الأمير رئيسا للجنة تنقيح الدستور، نظرا إلى ما يتمتع به من حيادية ونزاهة واحترام لدى مختلف الفئات، وإذ ينتمي صباح الخالد إلى فرع الحمد، فإن الأمير مشعل كسر باختياره تقليد تداول منصب الإمارة بين فرعي الأحمد وسالم.