اسم مكتوب على ورقة أمام الكعبة.
دعاء مسجل بالفيديو.
صورة من الهاتف، من شرفة فندق مقابل الكعبة...
حديثنا اليوم عن موضة انتشرت في السنتين الأخيرتين، حيث يكتب أحدهم اسم شخص ويأخذ له صورة أمام الكعبة. يتوصل صاحب الاسم بالصورة وينشرها على مواقع التواصل شاكرا أن فلانا دعا له من الكعبة!
أحيانا، تعوض صورة الشخص الاسمَ، لكن المغزى واحدٌ.
هناك أيضا من يسجل فيديو يدعو فيه، أمام الكعبة، لرئيسه في العمل أو أهله أو أصدقائه، ويبعث الفيديو لهذا الشخص أو ينشره على مواقع التواصل.
وهناك الفقيه الذي يصلي التراويح ويراقب تطورات اللايف مباشرة، وأثناء الصلاة...
موضة جديدة خلقها التدين الجديد المرتبط بعدد المتابعات وباللايكات، بنفس قدر اهتمامه بالتعبد نفسه.
أستغرب كثيرا من هذه الممارسة. هل تبعث الدليل الذي يثبت أنك دعوتَ للشخص في الحج أو العمرة؟ وهل يحتاج منك الله تسجيلا للدعاء أو صورة الشخص المعني لكي يتعرف عليه ويتقبل دعاءك؟ هل الهدف هو الحج والدعاء الصادق، أم الهدف أن ننشر الصورة على مواقع التواصل لصناعة "الشو" والترند، ولكي يعرف العالم أننا كنا في الحج أو العمرة؟ هل هدف التدين هو التفرغ لهذه الشريعة بتفاصيلها الروحية الخالصة، والتفكير العفوي والصادق في شخص يهمنا والدعاء له من أقدس مكان عند المسلمين، أم أن نخبر هذا الشخص أننا دعونا له هناك وأن نبعث له الدليل؟ هل الهدف أن نصلي بالناس أم أن نتابع اللايف وتعليقاته؟ هل الأصل في الحكاية التعبد الخالص والدعاء الخالص لمن نحب، أم البحث عن الإضاءة المناسبة والفلترات وزاوية التصوير، حتى تكون الصورة جميلة وحتى تستدر اللايكات على مواقع التواصل؟
قد أفهم هذه الممارسة في تفاصيل مرتبطة بالحياة واللهو والسفر: أن يلتقط شخص صورة باسم شخص آخر أمام معلمة سياحية، خلال مباريات كأس العالم، أمام مسرح ضخم أو ملعب كرة قدم معروف... هي أماكن سياحية وترفيهية قد تتلاءم مع فكرة العرض والشو... لكن المفروض في من يمارس شعيرة دينية أن يكون منغمسا في الجانب الروحي للشعيرة، أن لا ينخرط في هذا الهوس التواصلي...
فهل يحتاج منا الله صورا وأسماء لكي يتعرف على من ندعو لهم؟ هل يحتاج من نحبهم لدليل على أننا دعونا لهم في الحج؟