تمت دعوتي لحضور عرض فيلم وثائقي إيراني يحكي عن عائلة تركت إيران بسبب اضطهاد الحكومة لها، وهاجرت. نشاهد في الفيلم مقاطع لمظاهرات الإيرانيين عند قيام الثورة ضد الشاه في الفترة بين السابع من يناير 1978 حتى 11 فبراير 1979، والتي حولت إيران من نظام ملكي فاسد تحت حكم الشاه مدعومًا من الولايات المتحدة لجمهورية إسلامية.
نشاهد في الفيلم المتظاهرين الذي كان الكثير منهم يساريّين متحمسين بأن ستكون لديهم دولة عادلة خالية من الفساد، والارتهان للخارج. تذكرت وأنا أشاهد هذه المقاطع ثورة اليمن في 2011، وصور تشي غيفارا التي كان يرفعها اليساريّون في المظاهرات، والرقص في الساحات، وحماس طلاب جامعة صنعاء. لا شيء كان يقول لنا في بدايات هذه الثورة بأنها ستنتج لنا جماعات دينية حاكمة، وتجعل أغلب شمال اليمن في يد جماعة متحالفة مع إيران لا هدف لها سوى القتال إلى يوم القيامة، حيث تقوم بتجهيز فوق المليون ونصف طفل في المراكز الصيفية للحرب الكبرى بحسب قولهم، والتي يقولون إنها ستسبق ظهور المسيح، ونهاية العالم.
هل كنا نتوقع أن تصبح بلدنا اليمن في مثل هذا الخراب؟ لا. كنا متحمسين، ولدينا أحلام وردية ساذجة بعيدة عن الواقع. وأنا اتأمل التشابه الكبير بين الثورة الإيرانية الإسلامية، وما يسمى بثورة الشباب اليمني أجد أن حتى تواريخ قيام الثورة متشابهة، فربيع اليمن الشبابي لازال هناك جدل بين ثواره هل يحتفلون به في تاريخ 27 من يناير أم 11 من فبراير؟ ١١ فبراير؟ أليس هذا أيضا تاريخ الثورة الإيرانية الإسلامية؟ ثم الاحتفال بماذا؟ أعلم أن هناك من سيقول أن علينا أن نصبر، وننتظر ثورات جديدة مثل الثورات الفرنسية، ولكن إلى أن يأتي هذا اليوم بعد عشرات السنين لا أرى أن هناك داعيًا للاحتفال.
هل نحتفل بأن اليمن أصبحت دولة بدون دولة، وأن الفساد زاد، وامتلأت بطون تجار الحروب سواء في شمالها أو جنوبها؟ وأن شعبها يعاني الأمرّين؟ وأن التعليم تدهور، والناس بدون مرتبات؟ وأنّ الأطفال أصبحوا بدون حاضر، ولا مستقبل، وينتظرون الحرب الكبرى؟ على ماذا الاحتفال. خرجت من ذكرياتي ومشاعري الحزينة، وتلفّتّ حولي لأجد أنني أشبه الإيرانيين الذين يجلسون في القاعة معي، تنهّدت، وعدت لمشاهدة الفيلم الوثائقي.