تابعت خلال الأيام الماضية ردود الأفعال الغاضبة على برنامج تبثه قناة (سي بي سي). هذا البرنامج الرائع -من وجهة نظري- يقدم فيه شباب وشابات صغار في السنّ تساؤلات عن أمور دينية، ويجيبهم الدكتور (علي جمعة)، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الديار المصرية سابقاً. لا أعرف هل ردود الأفعال هذه تعكس فعلاً آراء الناس أم أن المتطرفين يسيطرون على وسائل التواصل. أتمنى فعلا أنهم لا يمثلون آراء أغلب الناس، فقد رأيتهم يكتبون مستنكرين ما قاله دكتور (علي جمعة) بخصوص الاحتفال مع المسيحيين في حفلات الخطوبة، والأفراح داخل الكنيسة.
كنت أظن أن من الطبيعي أن تذهب الناس، وتحتفل مع أصحاب الفرح، وأن الذهاب للكنيسة أمر عادي في بلد مثل مصر يوجد فيه تجانس مجتمعي. وقد رأيت الكثير من المسيحيين يذهبون لمساجد في عدة دول، لكنني تفاجأت بأن الناس يكتبون مستنكرين هذا الأمر، ويصفون د. (علي جمعة) بأنه لا يصلح أن يفتي، وأنه من المذهب الصوفي "المنحرف" إلى آخره من الكلمات المسيئة.
هذا كان عن ردود فعل غاضبة ترفض مشاركة المسيحيين الاحتفال في الكنائس، ولكن ليس هذا فقط ما يغضب هؤلاء، فهم يغضبون أيضا لماذا تكتب الفنانة (إليسا): "المسيح قام" لتعبر عن يوم الفصح. قامت الدنيا، وبدأوا بشتمها، ووصفها بأسوأ الكلمات، ويبدو أنهم نسوا أو تناسوا أننا في رمضان وأن عليهم الالتزام بعدم أذية الناس بلسانهم.
وأعود، وأتساءل هل هؤلاء الأشخاص حقيقيون، أم أنها حسابات وهمية تريد أن تظهر هذه الصورة السيئة؟ خاصة ونحن نرى حسابات كثيرة وهمية تتبع حركات دينية متطرفة. فمثلا الحوثيون لديهم الكثير من الحسابات على منصة x أو تويتر سابقاً التي ليست لأشخاص حقيقيّين، وبمجرد أن تمدح الحوثيين تجد ألفي إعجاب على تغريدتك. هذا التفاعل يجعل من يريد أن يشعر بأنه مهم أن يقوم بكتابة المواضيع التي ستجعل هذه الحسابات تتفاعل معه بكثرة، ومؤخرا أصبح هذا التفاعل ليس فقط ينفخ "الإيجو" الخاص بك، ولكنه قد ينفخ محفظتك، ويجلب لك الأموال بعدما أصبح بالإمكان الحصول على أرباح في الفيسبوك وx.
سواء كانت هذه الحسابات حقيقية أم لا، فإننا فعلا نحتاج للكثير من هذه البرامج التي تنادي بالتسامح، ومحبة الآخر المختلف عنّا دينيًا، وتشرح أهمية تفهّم أن العالم هذا فيه الكثير من الأديان، وأن علينا تقبّل ذلك، وعدم لوم الشخص، وإهانته فقط لأنه يقول شيئًا لا نؤمن به نحن، طالما وأنه لم ينشر كراهية، ولم يتسبب بأذية.