تم البدر بدري والأيام بتجري، وقربنا نودع رمضان بمباهجه وروحنياته، وزي ما احنا متعودين كل سنة، فحان الآن موعدنا الرسمي مع خناقة العيد، أو بمعنى أصح: خناقتين العيد.
فيه خناقة عيد معروفة وشائعة في البيوت، بتحصل بين رب وربة الأسرة. أظن بتبتدي بذرتها بالشحنات الاقتصادية الموجود في الهوا اللي بتنشأ من النقاشات حوالين مقدار فلوس الكحك والمرجو من مصاريف لبس العيد، والحكمة في قبول دعوات عزومات العيد،ويا ترى أول يوم هنقضيه عند مين؟ أمه والا أمها؟
ده غير العيديات اللي لازم تتوزع بميزان دهب بين أطفال العيلتين عشان نتأكد إن غلاوة عيال فرع عيلته من غلاوة عيال فرع عيليتها بالظبط.
لكن فيه خناقة تانية بتبقى على مستوى أوسع وأعم. ألا وهي الخناقة السنوية والخلاف المستمر على طريقة إخراج زكاة الفطر. اللي هي كلها على بعضها في مقام ٣٥ جنية مصري. لكن مافيش ٣٥ جنية بتزرع الضغائن بين الأصدقاء وبتثير حفيظة أفراد العيلة الواحدة تجاه بعضهم، وتصل إلى درجة التشكيك في النيات، وصدق التدين، والامتثال لأوامر الله ورسوله، أد ال٣٥ جنية دول.
خناقة كل سنة بتاعة: (هل يجوز إخراج زكاة الفطر في صورة مال؟) دي أبهرتني أول ما كبرت وحضرتها لأول مرة. في الأول استغربت السؤال: هل يجوز إخراجها مال؟ أمال هي بتخرج إيه؟ وكانت الإجابة الحاسمة: في صورة حبوب طبعا.
بيني وبينكم ولأني ما انتبتهتش للموضوع ده غير بعد دخولي الجامعة، وبما إني كنت بدرس في كلية صيدلة و كنت ساذجة حبتين، أول حاجة خطرت على بالي هو إن الكلام عن شريط حبوب دوا، ومافهمتش قوي، يعني بابا المفروض يطلع عني شريط بروفين مثلا؟ ، وبعدين لما فهمت إنها حبوب بمعنى أرز مثلا أو ذرة أو ما شابه ذلك، ما لقطتش سر الإصرار اللي عند البعض إنه: يا كده يا إما تبقى زكاة فطرك باطلة!.
طب ليه يا جدعان؟ مش الهدف من زكاة الفطرهو التكافل؟ مش الهدف هو إننا نساعد الفقير بشكل يحفظ له كرامته؟ ، يعني لو الفقير ده بيجيله زكاة من أكتر من شخص وكلهم ادوله أرز أو ذرة. هل ده كل اللي هو محتاجه في الحياة؟ مش عايز يلبس؟ يدرس؟ يدفع إيجار متأخر؟ يتعالج؟، يبقى إيه المشكلة لما نديله في إيده الفلوس ونترك له تصريف أحوال معيشته زي ما هو محتاج؟ . يصر أصحاب فريق الحبوب على آراءهم ويتربسوا ويعلنوها عالية: حبوب يعني حبوب.. الرسول عمره ما طلع مال.
أيوة ما الرسول نفسه كان بيقول (أنتم أدرى بشئون دنياكم). يبقى ليه المغالاة وليه التقفيل؟ وليه التغاضي عن هدف الفروض والواجبات الدينية وكأنها مفروضة وواجبة لأهداف غامضة تفتقر للمرونة ومالهاش علاقة بتصاريف حياتنا وتطور الظروف والزمن؟
التعليق الوافي اللي قريته من سيدة بتتجادل مع آخرين شايفين إنه من الأولى إخراج المال لأنه أصلح للفقير، كان لما ردت عليهم و قالت: مصلحة صيامي وسلامة ديني أهم من مصلحة الفقير.
وهنا بيحس الواحد مننا إنه بيدن في مالطا، بل إنهم غالبا في مالطا لو شرحتلهم فكرة زكاة الفطر وأطلعتهم على الخناقة السنوية دي، والنبي هتلاقيهم فاهمين ومرنين أكتر من كتير من المتشنجين.