أنا لا أريد أن أعمّم، ولكن بالنسبة الى عدد كبير من الرجال، لا يزال خيار الشريكة مبنياً للأسف على منطق "الجائزة": أي، "مَن هي التي أستطيع أن أتباهى بها أكثر؟"
أنا لا أريد أن أعمّم، ولكن بالنسبة الى عدد كبير من الرجال، لا يزال خيار الشريكة مبنياً للأسف على منطق "الجائزة": أي، "مَن هي التي أستطيع أن أتباهى بها أكثر؟". أما الردّ فغالباً ما يكون مرتبطاً، في ثقافتنا المعاصرة، اللبنانية والعربية تحديداً ولكن ليس حصراً، لا بقيمة تلك المرأة نفسِها، أي بإنجازاتها ومزاياها ونقاط قوّتها، بل بشكلها الخارجي ومغرياته. الرجل، بناء على منطق مماثل، "يحصل على" تلك المرأة: أي أنها شيء، سلعة، بضاعة كلّفته الكثير، تالياً هي بلا شك "مهمّة"، وتستحق أن يتباهى بها.
في المقابل، وبالنسبة الى عدد كبير من النساء، لا يزال خيار الشريك مبنياً، للأسف، لا على معايير الحب والانسجام والانجذاب المتبادل والرغبة في بناء حياة مشتركة، بل على منطق "مَن يستطيع أن يقدّم لي أكثر؟". هنا قد تتوهّمون أنني أضع جزءاً من الحق على المرأة نفسها. ولكن، مهلكم: هل من السهل أن تعي كل امرأة أن جزءا كبيراً من سلوكها هذا ما هو إلا نتيجة "برمجة ذكورية"؟ هل تتربّى المرأة يا ترى على الثقة بنفسها والإيمان بكرامتها واحترام كيانها وحبّ ذاتها؟ في الكثير من العائلات والمجتمعات والبلدان، لا بل والقارّات، لا يزال الجواب، للأسف، حتى يومنا هذا، أن لا. هذا الصوت الرابض في رأسها كوحش، يردّد على مسامعها: "لا تستحقين، لا تستحقين"، هو غالباً محض ترداد لأصوات أهلها، وبيئتها، ومدرّسيها، وثقافتها، وتعاليم ديانتها، وهلمّ.
ولكن كيف يمكن أن نغيّر هذه القولبة الذكورية، المسمومة، المدمّرة؟ حسبي أن المطلوب مجموعة مختلفة من الشروط والظروف، ولكن يمكن أن نبدأ بالشرط الأهم، ألا وهو طريقة التربية. إذا رددنا على مسامع أولادنا أن البنت تستحق ما يستحقه الصبي، وأن المرأة ليست جائزة، مثلما أن الرجل ليس معمل مال؛ إذا علّمناهم أن طموحات المرأة ليست أدنى في الأهمية من طموحات الرجل، وأن قدراتها لا تقلّ عن قدراته... لو ربّيناهم على هذه المفاهيم والاقتناعات، لحققنا إنجازاً هائلاً على مستوى تحسين نوعية العلاقات العاطفية بين النساء والرجال. فما رأيكم لو نبدأ من هنا؟