العلاج التحويلي...اكتشاف جديد في عوالم محاربة الاختلاف والإصرار على عدم قبول الآخر، إلا إذا كان يشبهنا.
تنبني هذه الممارسة على الجهل وعلى الإصرار على عدم معرفة الآخر. كما تنبني أيضا على العنف والكراهية اتجاه مجتمع الميم.
تدعي بعض عيادات الطب النفسي ويدعي بعض الرقاة والدجالين، في عدد من بلدان منطقتنا، تحويلَ المثليين والعابرين جنسيا، لأشخاص "أسوياء"، حسب توصيفهم.
تنبني نظرية العلاج التحويلي على اعتبار المثلية انحرافا ناتجا عن خلل عاشه الشخص في طفولته، كالاعتداء الجنسي أو العنف أو غير ذلك. وهذا أبعد ما يكون عن العلم والمنطق، لأن المنظمة العالمية للصحة، منذ سنة 1992، توقفت عن تصنيف المثلية كمرض نفسي أو عقلي، بل كتوجه جنسي. فكيف نعالج شخصا لا يعتبر، علميا، مريضا؟ ببساطة، العلم والمنطق يقولان إنك لا تستطيع أن تصف علاجا، لشخص غير مريض.
الحقيقة أن ما يسمى بالعلاج التحويلي ليس إلا دليلا جديدا على خوفنا المزمن من الاختلاف. ما الذي سنستفيده كأفراد وكمجتمع من ممارسة هذا الإرهاب المعنوي ضد أشخاص، لهم ميولات جنسية مختلفة؟ فيما تعنينا حميميتهم؟
تهديد للمجتمع؟ مجرد هراء، لأن ليس هناك شخص غيريّ، سيتحول لمثلي لمجرد القبول القانوني والمجتمعي بحق المثليين والعابرين في الوجود... تماما كما لن يتحول مثلي لغير ذلك، لأننا أدخلناه قصرا لعيادة أو محل دجل يمارس ضده الوصم والإهانة...
اللهم إن كنا نطلب من العابرين جنسيا والمثليين والكوير أن يمارسوا النفاق والتخفي... حتى نرضي خوفنا المزمن من قبول الاختلاف.
الحقيقة أنه، شئنا أم أبينا، فهؤلاء الأشخاص موجودون بيننا ويفترض أن تكون لهم نفس حقوق المواطنة التي لغيرهم.
شئنا أم أبينا، فالتاريخ يتقدم والمجتمعات تتقدم. ويوما ما، في مجتمعاتنا أيضا، سيعيش أعضاء مجتمع الميم بحرية. فهل سنختار أن نكون ضمن من يساهمون في التحول النوعي في الممارسات والأفكار والقوانين؟ أم سنختار أن نقف في صف من يمارسون الوصم ومن يؤخرون حق هؤلاء في العيش بانسجام مع ميولاتهم الطبيعية، دون قهر مجتمعي...؟ هل سنكون مع العلم والمنطق والمواطنة، أم سنختار خرافة العلاج التحويلي؟