كنت مع صديق لي يعمل كمحام في قضايا اللاجئين، وبينما نحن نحتسي الشاي، والقهوة مع كعكة في تقليد سويدي يعرف بالفيكا، قال لي صديقي أنه لاحظ أن من أكثر الرجال طالبي اللجوء الذين يقابلهم الذين يجدون صعوبة كبيرة في التعبير عن مشاعرهم هم الرجال من الجنسية الفلانية، وذكر إحدى الدول العربية التي مرت بحروب كثيرة، ولن أذكر اسمها هنا لأن هذا ينطبق أيضا على دول أخرى، قال أن هؤلاء الرجال يشعرون أن من العار أن يظهروا مشاعر قد تبين ضعفهم.
تذكرت كلامه وأنا أشاهد مسلسلًا إسبانيًّا يحكي عن رجال يحضرون دورة تساعدهم على التخلص من الذكورة السامة. يعرف مفهوم الذكورة السامة في موسوعة ويكيبيديا بأنه "مفهوم في علم النفس، والمناقشات الإعلامية للإشارة إلى بعض المعايير الثقافية المرتبطة بالضرر الذي يلحق بالمجتمع وللرجال أنفسهم". وتضيف الموسوعة بأن المفهوم يعمل على تطبيع العنف، ويؤدي للاكتئاب عند الرجال بسبب قمع مشاعرهم.
يزداد مفهوم الذكورة السامة في المجتمعات التي تعاني من الحروب مثل اليمن، والعراق، وسوريا، وغيرها، فيصبح الرجل قاسيًا بسبب أن المجتمع يطلب منه أن يكون قويا، وألا يظهر ضعفه، ويتحول هذا الكبت لعنف يمارسه على أقرب الناس إليه، ولذلك تزداد جرائم العنف المنزلي ضد النساء، والأطفال في المجتمعات التي تعاني من عدم استقرار سياسي.
نحن كنساء أيضا لدينا دور كبير في ترسيخ هذا المفهوم، ويبدأ ذلك بتربية الأم لابنها الذكر بأن عليه أن يخفي مشاعره، ومن المعيب أن يبكي لأنه رجل، أو أن يظهر أي شكل من الضعف، ثم عندما يتزوج أيضا في أحيان كثيرة تقول له والدته بأن يكون قويا أمام زوجته، وألّا يضعف لكيلا تتحكم به، وإلى آخره من هذه النصائح التي تؤدي لخراب الأسرة.
زعيم الذكورية السامة حاليًا هم أشخاص أمثال (أندرو تيت) الذي يعبر عن كرهه للنساء بينما ينشر صورته مع نساء عاريات لا يرى فيهنّ إلا جسدهنّ الذي يشتريه بالمال لكيلا يستخدم مشاعره أبدا. هذا النموذج مخيف جدا، وأن يكون مثلًا أعلى للمراهقين فهذه مصيبة، ويحتاج الموضوع للكثير من التوعية في الإعلام العربي عن طريق المسلسلات مثلا، مثل المسلسل الإسباني هذا الذي جعلني أتأمل في المصطلح، وأكتب هذه التدوينة