كم وردة تلقيت عزيزتي؟ وكم تهنئة؟
هل استفدت من التخفيضات والعروض التجارية بمناسبة ما أسموه "عيد المرأة"؟
مرة أخرى، عاد الثامن من مارس وعادت المغالطات وسوء الفهم.
من معناه الأصلي: اليوم العالمي لحقوق النساء، حولوه لاحتفال موسمي: محلات ومواقع تقترح عروضا خاصة، ورود يتضاعف سعرها، أصدقاء وصديقات يهنئوننا بمناسبة "عيد المرأة"...
فهل نتخيل مثلا أنه، في اليوم العالمي لمحاربة داء السرطان، سنهنئ مرضى السرطان أو نهديهم ورودا أو نقدمُ لهم عروضا تجارية؟
هل مثلا، في اليوم العالمي لمحاربة التدخين، سنشتري علب سجائر للمدخنين؟
هل، في اليوم العالمي لمنع الانتحار، سنشجع المنتحرين؟
يبدو الأمر عبثيا. أليس كذلك؟ لكنه ليس أكثر عبثية من تهنئة النساء يوم الثامن من مارس، بينما الأصل في الحكاية، يعود لسنة 1875، حين قررت عاملات النسيج بنيويورك الانتفاض من أجل حقوقهن.
حينها، وبينما كان الرجال يعملون 10 ساعات في اليوم، كانت النساء تعملن 16 ساعة. كما كان للرجال فضاءات عمل أفضل وأكثرُ تهوية وسلامة من فضاءات العمل المخصصة للنساء؛ وكانت النساء تحصلن على أجور أقل من زملائهن الرجال، مقابل نفس العمل!
خرجت آلاف النساء في شوارع نيويورك للاحتجاج على الظروف غير الإنسانية التي يعملن فيها.
بعد 51 عاما، أي في الثامن من مارس سنة 1908، عادت نساء نيويورك للاحتجاج لنفس الأسباب، لأن القوانين والممارسات لم تتغير. ثم امتدت الفكرة إلى أوروبا.
في ذات اليوم عام 1910، نُظم مؤتمر دولي للنساء العاملات في الدانمارك، حضرته 100 امرأة من 17 دولة وقررن فيه أن يصبح 8 مارس ذكرى سنوية لمطالبهن!
لكن الأمم المتحدة لم تعترف بهذا اليوم العالمي إلا سنة 1977.
أي أن قرنا ونصف من النضالات للدفاع عن حقوق النساء، لم يكف بعد. أي نعم، تطورت بعض الحقوق وتغيرت بعض الممارسات، لكننا مازلنا نحتاج للكثير من أجل تحقيق المساواة الفعلية. وحين لن تحتاج لهذا اليوم العالمي، حين ستتحقق المساواة، حينها، سيكون الثامن من مارس عيدا فعليا نستقبل فيه التهنئة. بانتظار ذلك، يفترض أن نخجل لأن نصف سكان الكوكب يتعرضن للظلم... لمجرد انتمائهن البيولوجي!