منذ سنوات وأنا اقرأ تعليقات لأشخاص يقومون بالاعتداء على غيرهم، وشتمهم، والتحريض عليهم، وعندما ترد عليهم يقولون: "لماذا أنت غاضب؟ هذه حرية تعبير". كانت هذه الجملة تضحكني لأنها توضح بأن هناك عدم وعي بالفرق بين أن تعبر عن رأيك، وبين أن تحرض على أذية شخص أو مجموعة لأنهم لا يعجبون حضرتك. كنت أبلغ عن حساباتهم، وينتهي الأمر، ولكن ما لم أكن أتوقعه بأن اليوم سيأتي الذي يكون فيه من يدير منصتي المفضلة (تويتر سابقًا، أو إكس حاليًا)، المنصة التي ساعدتني في إدارة فوق الـ ١٣ حملة، هو من هؤلاء الأشخاص الذين لا يفرقون بين حرية تعبير، وبين خطاب الكراهية.
وأنا اقرأ في موقع إكس لفتت نظري تغريدة لشخص يكتب كلاما فيه الكثير من الكراهية، والتحريض ضد جماعة من الناس، فقمت بما كنت أقوم به منذ سنوات، وهو التبليغ عن التغريدة، ووضعتها في فئة كراهية جماعة من الناس بسبب عرق أو جنس. بعدها وصلني رد إكس بأن التغريدة ليس فيها ما يستدعي حذفها، أو معاقبة صاحبها. تفاجأت لأنني في السابق عندما كنت أبلغ عن هؤلاء الأشخاص كانت تتم محاسبتهم فورًا، لكننا في عصر إلون ماسك حيث الكراهية تعتبر نوعًا من حرية التعبير بحسب قوله، ولا أدري لماذا إلى اليوم لم يتم حذف جزئية التبليغ التي لم يعد لها أي فائدة.
إلون ماسك حوّل موقع تويتر لمكان خالٍ من أي هدف عدا هدف جني الأموال. أخذ منا علامة التوثيق التي كانت تحمينا، وتعرّف الناس بأن هذا شخص معروف، وكتابته موثقة، وأصبح اليوم أي حساب يكتب تفاهات باستطاعته دفع أموال، وتوثيق حسابه، ليس هذا فقط بل بإمكان أي شخص أن ينتحل شخصيتك، ويوثق حسابه ويضيف كلمة parody التي يفهمها فقط من يتحدث الإنجليزية، وبذلك يختلط الأمر على الناس الذين ما زالوا يعتقدون بأن التوثيق يدل على أن الحساب لشخصية حقيقية معروفة. أضيف على ذلك أن في السابق كان زعماء الجماعات المتطرفة لا يستطيعون توثيق حساباتهم أما اليوم فأصبح لديهم توثيق، وأصبح صوتهم عاليًا، وتأثيرهم أصبح أقوى على العامة.
كل يوم تزداد الكراهية على منصة إكس، ولم أعد أجد فيها أي شيء يبعث على التفاؤل غير الأموال التي تغدق على أصحاب التغريدات التي تغرد بفيديوهات أغلبها كاذب، ولكنها تجذب الناس، وبالتالي الأموال لأصحابها. عندما يسيطر المال، وتصبح الكراهية حرية تعبير، فعلينا أن نترحم على الزمن الجميل لتويتر، وربنا يسامحك يا إلون ماسك.