اندلعت في العام ٢٠٢٣ ، ثلاثة حروب في قارتي إفريقيا وآسيا، بالسودان وغزة وأذربيجان، بينما يتواصل اشتعال نيران حرب أوكرانيا في أوروبا التي بدأت قبل عامين
اندلعت في العام ٢٠٢٣ ، ثلاثة حروب في قارتي إفريقيا وآسيا، بالسودان وغزة وأذربيجان، بينما يتواصل اشتعال نيران حرب أوكرانيا في أوروبا التي بدأت قبل عامين. وهكذا كان نصيب الشرق الأوسط ونطاقه القريب انفجار ثلاثة نزاعات انطفأ احدها في جنوب القوقاز، وبقي الوضع السوداني ملتهباً ، اما الحرب الخامسة في غزة مع اسرائيل فلا تزال محتدمة. ويدلل كل ذلك ان العام ٢٠٢٣ كان عاماً حافلا بالزلازل الطبيعية والبراكين السياسية .
من المفارقات ان العام الذي يطوي صفحته انطلق في الشرق الأوسط بشكل مبشر، مع مشهد إقليمي سلمي وتصفير للنزاعات. لكن هذا الوضع الايجابي لم يصمد امام الوقائع القاسية وعدم حل النزاعات المجمدة. ومن الواضح إن الربع الأول الذي تميز بالاتجاه نحو التهدئة، تأثر بنقطة التحول في 7 أكتوبر والحريق الذي أعقبه.
وهكذا يمكن لاحقاً ان تؤرخ سنة ٢٠٢٣ بدءاً من شهرها العاشر. اذ إن استئناف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يغير سياق الشرق الأوسط، وقد يكون بمثابة اختبار لتقييم مدى التغيرات المتعلقة بالحوكمة العالمية والنظام الدولي.
خلال العام ٢٠٢٢، أدى حل المشاكل أو إدارة الخلافات إلى بداية التطبيع الاقليمي رغم تبعات الحروب والأزمات القائمة منذ عدة سنوات.
وكان من اللافت ان قطار التغيير والتنمية الاقتصادية السعودي؛ والقمتين الإقليميتين اللتين عقدتا في المملكة العربية السعودية مع رئيسي أقوى دولتين: الولايات المتحدة والصين مهدتا الطريق في عام ٢٠٢٣ لقيادة المملكة العربية السعودية التحرك الديناميكي على مستويات متعددة ، وفي القضايا الإقليمية الكبرى التي تؤثر على الوضع برمته في المنطقة. من السودان إلى غزة، بما في ذلك العلاقة مع إيران، ومؤخراً في الصراع الإسرائيلي مع حماس.
تميز النصف الأول من العام بإعادة التشكيل الجيوسياسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط: من المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية الصين إلى إعادة دمج سوريا في جامعة الدول العربية، والمناقشات المكثفة بين الرياض وواشنطن. من أجل إقامة اتفاق استراتيجي ينص على التطبيع مع إسرائيل بعد بداية ملموسة لتسوية القضية الفلسطينية.
وأتى هجوم السابع من أكتوبر وتداعياته ليشكلا منعطفاً جيوسياسيا. وهذا التطور يهدد بتقليص الإنجازات التي حصلت في الفضاء الاقليمي في الأشهر التسعة الأولى من عام ٢٠٢٣.
والحقيقة أن مفاجأة هجوم ٧ اكتوبر مثلت نقطة تحول في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ودليلاً على هشاشة خيارات السلام والتطبيع . ويمكن ان يحمل العام ٢٠٢٤ في طياته اجابات عن اسئلة الامن الاقليمي وكيفية انهاء حرب غزة مع وجوب مراقبة مخاطر توسعها على ضوء تموضع واشنطن التي ستنشغل بسنتها الانتخابية وحسابات ايران في عدم المغامرة بمكاسبها.