خفقة قلب لمسلسل "ليه لأ".
المسلسل من ثلاثة أجزاء، يتطرق كل منها لموضوع مختلف بكاستينغ مختلف.
تأثير الجماعة على اختياراتنا، تحول حب الأسرة أحيانا لحاجز يحاصرنا بدل أن يطمئننا، غرق البعض في علاقات غير سوية دون أن ينتبه لها أو استمراره في اعتبارها طبيعية، طعم الحرية بمسؤولياتها وصعوباتها أحيانا، اهتمام البعض بالصورة المجتمعية أكثر من السعادة الفردية.. هذه أهم تيمات الجزء الأول من المسلسل.
ثم، ماذا عن الأمومة الاختيارية؟ ماذا عن تصوراتنا المغلوطة وأحكام القيمة عندنا حول الأطفال المتخلى عنهم؟
خفقة القلب الكبيرة كانت لهذا الجزء الثاني.
جميعنا محاصرين بأحكام قيمة، ما لم نسائلها، فنحن نقع في شرك الإقصاء لأطفال نعتبر ثقافيا ودينيا، أن بهم خلل؛ حتى وهم غير مسؤولين عن ولادتهم خارج الزواج. فهل يكون، مثلا، زواج أهالينا قبل أن نخرج للوجود ميزةً نفخر بها؟ أم هي صدفة جعلتنا محظوظين في مجتمع لا يرحم طفلا وطفلة لم يختارا، تماما كما نحن لم نختر الصيغة القانونية التي جئنا بها للعالم؟
هناك تصور ثقافي وديني مبني، جزئيا، على حديث صححه ابن القيم والألباني. يقول الحديث: “ولد الزنا شر الثلاثة”؛ بمعنى أنه أكثر شرا من والديه! ابن القيم يعتبر أن هذا الحديث محمول على أن غالب أولاد الزنا يكون فيهم شر، لأنهم يتخلقون من نطف خبيثة، والنطفة الخبيثة لا يتخلق منها طيب في الغالب.
كيف لنا أن نتصور أن العلاقة القانونية بين الوالدين تؤثر بيولوجيا على طبيعة عملية التوالد؟
"ليه لأ" لم يقدم الدروس ولم يترافع. لقد أبرز الجانب الإنساني الجميل في العلاقات، والقيم الإيجابية، بسلاسة تجعلنا نشعر أننا نعيش مع شخصيات المسلسل. الانتقاد الذي قد يوجه لصُنّاعه هو تصويرهم للأم لبيولوجية التي عاشت اكتئاب ما بعد الولادة ولم تشعر بارتباط عاطفي بطفلتها، بشكل سلبي وصل حد الكاريكاتورية. الولادة البيولوجية لا تصنع بالضرورة أما مثالية كما نتصور ذلك ثقافيا؛ واكتئاب ما بعد الولادة مرض حقيقي له تبعات قد تؤثر فعليا على علاقة الأم بأطفالها لفترات قد تكون طويلة. تصويرنا لهن كأمهات سيئات لا يساهم في نقاش جدي للموضوع. كما أن كل النساء لم يولدن لكي يكنَّ أمهات!
ما عدا ذلك.. فالمسلسل متعة فنية وإنسانية جميلة!