تستقبل نيودلهي قمة العشرين يومي التاسع والعاشر من سبتمبر، في عالم اكثر اضطراباً تحت وطأة المتغيرات والصراعات الدولية.
ويمثل هذا الموعد بالنسبة للهند منعطفاً حيوياً للتأكيد على دورها الآسيوي والعالمي بعد مشاركتها الفاعلة في تكتل البريكس وبعد زيارة ناريندرا مودي الناجحة الى الولايات المتحدة الاميركية . وكأن القومي المتشدد مودي يتبع عن ادراك او بشكل تلقائي نهج سلفه الكبير المنفتح جواهر لال نهرو الذي كان احد اقطاب حركة عدم الانحياز والذي كان المؤسس لانطلاقة الهند كي تصبح اليوم لاعبا عالميا لا يمكن الالتفاف عليه وقطبا آسيويا فاعلاً .
بيد ان رئيس الوزراء الهندي الذي كان يتوقع غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب تداعيات الحرب الاوكرانية، اذ به يفاجأ بغياب شي جين بينغ رئيس الصين ، الجارة الكبرى والعملاق العالمي الصاعد. والغريب ان اجواء القمة الاخيرة للبريكس في جوهانسبورغ كانت تدلل على تعايش بين جين بينغ ومودي وتراجع التشنج بين بكين ونيودلهي . لكن النزاع الحدودي المزمن والصراع على النفوذ الجيوسياسي الآسيوي
ومسعى الصين لضرب مجموعة العشرين ألقى بظلاله على التهدئة والتطبيع بين اكبر قوتين ديموغرافيتين في العالم.
بالرغم من بعض الغيوم، هناك توقعات بنجاح قمة العشرين لناحية استمرار المجموعة قطباً يتجاوز انقسام المعسكرات وعنصرا قابلاً ليكون حجر الاساس في الدفع نحو حوكمة عالمية اكثر عدلاً ونحو نظام عالمي اكثر تمثيلاً . واذا نجحت الهند في مسعاها لضم الاتحاد الافريقي كعضو كامل العضوية تماماً مثل الاتحاد الاوروبي ، سنكون امام خطوة ملموسة في هذا الاتجاه.
واللافت ايضا في قمة نيودلهي مشاركة مصر فيها كضيف للرئاسة الهندية للمجموعة ..ويأتي ذلك بعد انضمام مصر الى البريكس.
تكمن اهمية قمة العشرين ايضا ً في اللقاءات الثنائية وما يجري وراء الكواليس، مثل اللقاءين المنتظرين بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيسين الفرنسي والاميركي ، او مثل المباحثات بين القادة الغربيين بخصوص اختبار القوة المفتوح مع روسيا .
بالرغم من غياب بوتين وشي جين بينغ سيكون لوزيري خارجيتيهما دوراً محوريا في بلورة البيان الختامي للقمة . ومن خلال مراقبة النص سيتضح لنا مدى امكانية توصل المعسكرين المتقابلين الى صيغة حد ادنى لمقاربة عالم اليوم ومخاطره الجمة ، خاصة ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوح بأن بلاده ستمنع صدور إعلان ختامي للقمة إذا لم يُتبن موقف موسكو فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وأزمات أخرى، وذلك ما يجعل الخيار أمام المشاركين هو إصدار بيان جزئي أو غير ملزم !