كنت في ملتقى لليمنيين في إحدى الدول العربية العام الماضي، كان الملتقى يجمع يمنيين من خلفيات سياسية مختلفة، ومعنا سياسي يساري كان معتقلا في أحد سجون الحوثيين في صنعاء. هذا اليساري بمجرد أن التقى بشخص من جماعة الحوثيين انفعل، وبدأ بالصراخ قائلا: "أنا كنت أدافع عنكم وأنتم سجنتوني يا ظالمين". كان يصرخ مقهورا.
كنت في ملتقى لليمنيين في إحدى الدول العربية العام الماضي، كان الملتقى يجمع يمنيين من خلفيات سياسية مختلفة، ومعنا سياسي يساري كان معتقلا في أحد سجون الحوثيين في صنعاء. هذا اليساري بمجرد أن التقى بشخص من جماعة الحوثيين انفعل، وبدأ بالصراخ قائلا: "أنا كنت أدافع عنكم وأنتم سجنتوني يا ظالمين". كان يصرخ مقهورا.
شعرت بالحزن عليه بأنه ليس في يديه الانتقام ممن ظلمه. هذا اليساري في أواخر الستينات من عمره، كان الحوثي الذي في مقتبل العمر ينظر إليه بهدوء غير مهتم، ولم ينطق بكلمة، ولكنه في اليوم التالي قال لنا: "أوه مسكين هذا الرجل أشفقت عليه عندما كان يصرخ" قال ذلك بنوع من التعالي، وليس التعاطف الحقيقي.
هذا الموقف، وجملة اليساري الذي قال فيها أنه كان مدافعا في السابق عن الحوثيين، ذكرني بالأخطاء التي دائما ما نرتكبها نحن اليساريين. نتعاطف مع أحزاب، وجماعات الإسلام السياسي بحجة دفاعنا عن الديمقراطية، وحق المشاركة السياسية، وعندما تقع الفأس في الرأس نشعر بالصدمة، ومن لا يستطيع الهروب لدولة ثانية تحميه يضطر للتطبيل، والخضوع لهذه الجماعات حفاظا على حياته بعد خروجه من السجن.
يرتكب اليسار نفس الأخطاء حتى في الدول الأوروبية، فهم لا يفرقون بين الإسلام السياسي، والمسلمين، فانتقادك لجماعات الإسلام السياسي، أو لنصوص الدين التي تخالف حقوق الإنسان، خاصة المرأة والطفل، قد تعرضك للتصنيف بأنك كاره للإسلام، ويكنسلوك، يكنسلوك هي ترجمة ل cancelling بالإنجليزية، ويستخدمها الجيل الجديد في حديثه، وتعني أن الشخص يتم اقصاؤه، ومقاطعته لأنه قال شيئا ليس مقبولاً.
هذه الأفعال التي تمنع حرية التعبير تتسبب في تراجع الدول العربية، والإسلامية، فالدول الغربية استطاعت أن تنهض عندما انتقدت المأثور، وجاءت بأفكار جديدة تناسب العصر، عندما توقفوا عن إعدام كل من ينتقد الكنيسة، بينما نحن لا زلنا لليوم نحرم الفلسفة، ويتم سجن كل من يقول رأيه، ثم يأتي يساري ساذج، ويؤيد خلط الدين مع السياسة.