مافيش شك إن الأرقام مرتبطة ببعض الفروض والعبادات في الدين الإسلامي، فيه عدد محدد لركعات الصلاة مثلا: الفجر ٢ العصر ٤ والمغرب ٣. فيه عدد محدد لمرات الطواف حوالين الكعبة ولرمي الجمرات في الحج. فيه عدد لأيام الصيام ونسب محددة، للميراث، وللزكاة.
كل ده مرتبط بالعبادات. ولغرض تنظيمها وتوحيد شكل أدائها. لكن مش أحيانا لما نبص حوالينا كده بنحس إن البعض بيصر على تحويل الدين كله لمنظومة رقمية، ويأبى إلا إنه يحصر الدين كله في خانة الأرقام والحسابات وكأن المشاعر والأحاسيس وما يخفى في القلوب من النيات والأعمال الصالحة، لا يمكن أداءها إلا بطريقة (الحسابة بتحسب؟)
صحيح إننا في صغرنا اتعلمنا حسبة الثواب والعقاب. وازاي إن الحسنة بعشرة أمثالها. وإن الحسنات يذهبن السيئات. وإن يوم القيامة كل واحد هييجي بكتابه وعلى حسب المقارنة بين الحسنات والسيئات هيكون مصيره النهائي للجنة أو النار. لكن مع الوقت ومع ضعف الخطاب الديني المعاصر، وامتهان الدعوة الدينية لكل من لا مهنة له. تحس ان الناس تعلقت بالأرقام للدرجة اللي أحيانا بتنسيهم الهدف من وراء الفرض أو الحكمة من السنة أو دور الدين في نشر السلام والخير لصالح الأمة.
عندك مثلا حديث عن إن اللي يطبطب على رأس اليتيم ياخد بكل شعرة في رأسه حسنة. الناس بتطبق الحديث حرفيا ويهروا راس الأيتام مسح حتى لو كانوا أول مرة يشوفوهم، وكل ما ينقوا يتيم كثيف الشعر كل ما يتخيلوا ان الثواب هيبقى زيادة. وماحدش بيقف للحظة يفكر ان المقصود من الحديث الإحسان لليتيم والحنو عليه. مش بنعمل إعلان لشامبو وبلسم إتنين في واحد يعني.
الحديث عن إن العمرة للعمرة كفارة لما بينهما وإن الحج بيمحي الذنوب وبيرجع صاحبه كما ولدته أمه، كده في المطلق. خلت الناس أدمنت الحج والعمرة لإيمانهم انهم الحل السحري مهما ارتكبوا في حياتهم من آثام. فتلاقي تاجر ممنوعات عامل ١٧ حجة، وآكل ورث إخواته البنات طالع ٣٠ عمره ومؤمن إنه خلاص كده ضامن دنيا وآخرة.
اتكلمنا قبل كده عن تأجيل الناس للصدقة والزكاة عشان يطلعوهم بس في رمضان باعتبار ان فيه أوكازيون حسنات والثواب هيكون مضاعف. وكأن ربنا هيضاعف لهم الثواب وهم مانعين زكاتهم وصدقاتهم عن المحتاجين بقية أيام السنة.
أما عن آخر مظاهر التدين الرقمي فطلع علينا الأسبوع ده أحد من يطلقون على أنفسهم لقب داعية بيعمل دعاية لتطبيق موبايل تقدر من خلاله تدفع مبلغ مالي لحد مقيم في السعودية يعمل عمرة لأي حد من قرايبك مريض أو متوفي أو مش معاه يكمل مقابل العمرة بنفسه، والتطبيق منزل تسعيرة مختلفة لكل نوع عمرة، عمرة رمضان بسعر وخارج رمضان بسعر، وحاطط كمان بند للعمرة المستعجلة، وللأسف مش محدد، مستعجلة ليه بالظبط؟!
والفكرة إن شخص ما يعرفش المريض ولا المتوفي، هيطوف مكانه، هيسعى مكانه، هيرفع إيده ويدعي ربنا مكانه، بتلاقي اللي بيدافع عن شرعيتها ووجاهتها شخص هيكون واسطة بين المتوفي أو المريض وربه، بدون سابق معرفه بدون أي خلفيات لأي مشاعر، اللهم إلا طريقة سلم واستلم، تديني فلوسي، اشحنلك الثواب! ولو ليك باقي يا سيدي اشربلك بيهم ماية زمزم، والا اسجدلك سجدتين زيادة أو اتصور لك سيلفي جنب الكعبة وانا رافع إيدي بزاوية كويسة وممكن انزلك دمعتين كمان تشوفهم انت وربنا في نفس الوقت. وعلى رأي المثل: ما هو كله بحسابه.