يخبرها زميلها أن قربيا له قد يكون عريسا جيدا لها: عمله كأستاذ جامعي، كونه يملك شقة وسيارة، مطلق بدون أطفال وغير ذلك مما يراه زميلها مميزات تجعل منه عريسا ممتازا.
لكن منى، وهذا اسم مستعار سنستعمله للحديث عن هذه الشابة، لا تعرف كيف تشرح لزميلها أنها قابلت قريبه كما اقترح، وأنها لا تجد معه أي تفصيل إنساني يجعلها تتصور حياة مشتركة بينهما. قد تكون ظروفه الموضوعية جيدة: منصب، إمكانيات مادية... لكن، ماذا عن المشاعر؟ ماذا عن الاهتمامات المشتركة مع شخص يفترض أن تقتسم معه تفاصيل الحياة اليومية والهمومَ والأفراح والمشاعر والسرير والمشاريع الحياتية؟ كيف تتزوج رجلا له وضعية مهنية جيدة ربما، لكنها لا تتخيل نفسها في حضنه؟ كيف تتزوج رجلا لم تجد معه مواضيع مشتركة للنقاش؟
لكن الموجع أكثر، أن حكاية منى ليست حكاية معزولة. مئات الفتيات، بل وربما الآلاف، في المغرب ومصر والأردن وسوريا وغيرها، لا يطلب منهن المجتمع أن يكن سعيدات، بقدر ما هن مطالباتٌ باحترام الصورة المجتمعية.
يقدم المجتمع دفتر تحملات للعريس المناسب: دفتر تحملات يضم شروطا موضوعية تقل وترتفع حسب عمر الفتاة ومستواها الاجتماعي والتعليمي، وأحيانا شكلها. لكنه لا يلتفت للأهم: المشاعر والانسجام. لأن هذا المجتمع لا يرى في الزواج علاقة إنسانية بقدر ما يراه إنجازا للمرأة. إنجاز بدونه، تكون شخصا غير مكتمل! لا يهم أن تكون سعيدة... المهم أن تكون متزوجة!
المتزوجون والمتزوجات يعرفون أن الحياة الزوجية صعبة حتى حين يتوفر الانسجام والحب، فما بالك بالارتباط برجل كل ما يثيرنا فيه هو وضعيته الاجتماعية والمادية؛ أو بامرأة نهتم بجمالها وسمعتها وعذريتها أكثر من مدى انسجامنا النفسي والعاطفي والفكري معها؟
حين سنركز على أهمية سعادة الأفراد حسب تطلعاتهم الخاصة وليس حسب ما نتوقعه منهم، وحين سندرك أنهم قد يكونوا سعداء وهم في علاقة كما قد يكونوا سعداء بمفردهم، بل وأنهم أحيانا قد يكونوا تعساء لأنهم وجدوا أنفسهم في العلاقة الخطأ، بسبب الضغوطات المجتمعية... ساعتها، قد نوفر على غيرنا كثيرا من الوجع والألم!