أهرامات الجيزة التي أدرجت في العام 1979 على لائحة التراث العالمي وحلّ هرم خوفو الأكبر فيها على قائمة عجائب الدنيا السبع بناها الفراعنة منذ تقريبا 4500 عام. لكن السؤال الذي أذهل وما زال يذهل إلى حدّ اليوم عقول المهندسين وعلماء الآثار يتمحور حول: ما هي الوسيلة التي اعتمد عليها الفراعنة لنقل الحجارة من المقالع إلى الموقع الصحراوي الأثري كما نعرفه اليوم؟
في دراسة شيّقة وحديثة نشرتها مجلة Pub Med Central وكان كتبها باحثون فرنسيون وصينيون ومصريون أُثْبِت على ضوء دراسة تحليلية للتربة المحيطة بأهرامات الجيزة أنَّ نهرا طبيعيا –وليس قناة اصطناعية- كان يمرّ بالقرب منها، قبل أن يختفي عقب كوارث مناخية قديمة، ما ساعد حينها الفراعنة على الإتيان بالصخور بواسطة النقل النهري إلى موقع بناء الأهرامات. الكاتبة الرئيسية لهذه الدراسة والباحثة في الجغرافيا الطبيعية وعلوم البيئة القديمة في جامعة Aix-Marseille، هدير شَعَيْشة تستفيض في شرحها ضمن التسجيل الصوتي.
تحليل العناصر النباتية العضوية في التربة المحيطة بأهرامات الجيزة مع دراسات النمذجة العلمية لجغرافيا وبيولوجيا المكان Modelling scientific كانا العاملان الرئيسيان اللذان اعتمدت عليهما الباحثة هدير شَعَيْشَة مع زملائها الباحثين الآخرين لإثبات أنّ فرعا من فروع النيل كان يمرّ بجنب الموقع الحالي للأهرامات. أطلقت الباحثة هدير شَعَيْشة على هذا النهر الذي جفّ من محيط أهرامات الجيزة تسمية " نهر خوفو" لأسباب تشرحها لنا بنفسها داخل التسجيل الصوتي.
لا يسعنا في النهاية إلا الإشارة إلى أنّ الفراعنة استعانوا لتشييد أهرامات الجيزة ب 2.3 مليون كتلة من كتل الصخور تزن كل كتلة منها على حدة 2500 كيلوغرام. ولولا مراكب النقل النهري لما تواجدت صخور بهذه الضخامة في مكان أخضر وقابل للحياة تحولّ مع الزمن إلى منطقة جغرافية صحراوية جافّة لكنّها ما زالت شاهدة على روائع الفن المعماري القديم.