كان عمرها حوالي 14 سنة حين فاجأها المخاض، وكان زوجها مسافرا..
تصورت أن الأمر يتعلق بمغص في بطنها، فأمها توفيت وهي في سنتها الثانية ولم يشرح لها أحد تفاصيل الزواج والحمل والولادة.
طرقت باب الجيران لتشتكي من مغص في بطنها، فرقّت لها الجارة واصطحبتها للمستشفى، حيث أنجبت.
هذه حكاية حقيقية حدثت في بداية الستينيات في الدار البيضاء: مراهقة صغيرة تغادر الطفولة، تواجه مخاض الولادة دون أم، بغياب زوجها، وحتى دون أن تدرك ما يحدث لها!
لكن، منذ الستينيات إلى اليوم، كم عدد الصغيرات اللواتي عشن تجارب مشابهة؟
كم عدد الأمهات الطفلات اللواتي يفاجئهن المخاض وهن بعد في طور التكون؟ كم عدد الأمهات اللواتي صرن جدات وهن في حدود الأربعين، لأنه تم تزويجهن صغيرات ولأن بناتهن تعرضن لنفس القدر؟
أن تكوني جدة في سن الأربعين! أي قدر هذا؟ والجدة في عرف مجتمعاتنا هي امرأة يفترض أن تترك حياتها خلفها لأنها شبه منتهية الصلاحية.
الحقيقة أننا، في الأغلب، نقارب موضوع تزويج الصغيرات مقاربة حقوقية. وهذا صحيح ومهم بالتأكيد. لكن، ماذا لو أنسننا المقاربة وتأملنا كل السيدات حولنا ممن تم تزويجهن وهن طفلات؟ ماذا لو تأملنا أوجاعهن، حتى تلك التي لا يفصحن عنها؟ ماذا لو تخيلنا صعوبات الحمل وآلامَ المخاض لطفلات ومراهقات لم يعشن حقهن من لامبالاة الطفولة؟ ونحن نبجل تضحيات الأمهات، ماذا لو تخيلنا أنهن ربما، لكي يكنّ مثاليات كما نراهن اليوم، كنَّ ربما تعيسات، شقيات، مقهورات؟
اليوم، ونحن نتأمل معظم أمهاتنا بكل حب وتقدير لما قدمنه من تضحيات، لنتذكر أن تلك الطريق لم تكن دائما من اختيارهن. أنهن ربما لم يكن دائما سعيدات. أن الكثيرات بينهن فوجئن بالحمل والمخاض والولادة وهن طفلاتٌ مراهقات...
تزويج في سن صغيرة وإنجاب وأمومة ومسؤوليات كثيرة. هذا قدر ملايين النساء على هذا الكوكب الذي لا يعير كثير اهتمام لمشاعرهن... فالأهم أن تكنّ وعاء الجنس والإنجاب! وأن نقدسهن ونبجلهن دون أن نتساءل: لو كان بيدهن الاختيار، الاختيار الحقيقي بدون ضغوطات وإكراهات مجتمعية، هل كن سيخترن نفس الطريق؟