خسارة مباراة هو قدر لاعبي كرة القدم.
في اللعبة، هناك دائما فائز وخاسر.. حتى التعادل، غالبا ما يكون لصالح أحد الفريقين!
لكن الملاحظ أن معظم جماهير كرة القدم لا تتعامل بهذا المنطق: كمية السخرية من الفريق الخصم بعد كل فوز تكون مرعبة. ميزوجينية، عنصرية، تعليقات جارحة... وفي هذا للأسف، يلتقي المتعلمون وغير المتعلمين. حتى بعض الجامعيين، يخرجون، للأسف، أبشع ما فيهم اتجاه الفريق الخصم، حين يفوز فريقهم المفضل!
علما أن الجمهور لا يؤثر مباشرة في الفوز ولا في الخسارة، لأن ذلك مجهودُ اللاعبين والفريق التقني.
ولنا أن نتصور حجم الميزوجينية والقبح حين يتعلق الأمر بفريق كرة قدم نسائي.. حتى وهو يشارك في كأس العالم!
منذ أيام قليلة، خسر المنتخب المغربي النسائي مباراته الأولى في كأس العالم أمام المنتخب الألماني بستة أهداف لصفر. نتيجة قاسية فعلا... لكنها ترجع، موضوعيا، لعدة أسباب. المنتخب المغربي يشارك في كأس العالم لأول مرة في تاريخه، وهو بالمناسبة أول فريق عربي يشارك في كأس العالم لكرة القدم النسوية؛ بينما المنتخب الألماني كان بطل العالم لمرتين وبطل أوروبا لثماني مرات، إضافة لكونه راكم خبرة سنوات طويلة من التداريب والمباريات الكبرى.
كما أن المنتخب الألماني يضم لاعبات نشأن في مجتمعات لا تتعامل معهن بنفس الميزوجينية التي يتعامل بها الجمهور مع لاعباته في بلد كالمغرب. سؤال المساواة في ألمانيا لم يعد مطروحا، منذ الحرب العالمية الثانية، على الأقل ليس بنفس الحدة.
الحقيقة أن المنتخب المغربي راكم أكثر من فوز، أهلّه للمشاركة في كأس العالم، ولمباراة النهاية في كأس إفريقيا للأمم. وهذا في حد ذاته إنجاز مهم يحسب لمنتخب شاب نسبيا.
ورغم ذلك، وأمام هذه الهزيمة الموضوعية، فقد تابعنا كمًّا رهيبا من التعليقات المهينة للاعبات المنتخب وللنساء عموما... تعليقات معظمها من أشخاص، على الأرجح، لا يتقنون كرة القدم بنفس مستوى لاعبات المنتخب!
ومع ذلك، فكل هذه الميزوجينية هي، في النهاية، ترجمة لرقصة الديك الذبيح... العقليات الذكورية ترى النساء تقتحمن آخر معاقلها، وبقوة. أي نعم، كانت خسارة مهمة أمام منتخب كبير كالمنتخب الألماني، لكنها في النهاية مشاركة في كأس العالم ببطلات نساء وبحكمات دوليات نساء... في لعبة كان الكثيرون يتصورونها، إلى وقت قريب، حصرية للذكور.
والقادم بالتأكيد أجمل!