"كانت تبدو جميلة رغم أنها تجاوزت الأربعين".
جملة قرأتها في عمل أدبي، وتوقفت عندها كثيرا، لأنها تترجم تصورا معينا للجمال في ثقافتنا المغاربية والمشرقية؛ بل وربما الكونية.
الرجل قد يكون وسيما وأنيقا في أي سن... لكن بالنسبة للمرأة، بمجرد ما تبدأ العلامات الأولى للسن، نعتبر أنها تجاوزت تاريخ الصلاحية. رغم أن العمر في النهاية هو أمر موضوعي يمسنا جميعا، فنانين ومثقفين وعاطلات أو عاطلين عن العمل وميكانيكيين ورياضيات... باستثناء الشخصية التي أدّاها براد بيت في فيلم "القصة الغريبة لبناجامان باتان"، فلا أحد يصغر مع مرور السنوات... كلنا نكبر ونتقدم في العمر. فلماذا نحاسب النساء على تجاعيدهن وشعرهن الأبيض؟
في الشهور الأخيرة، في ميدان السينما العالمية، يُطرَح نقاش جدي حول وجود النساء في السينما والتلفزيون بمختلف أعمارهن. هاريسون فورد، روبيرت دونيرو وكلينت إستود يستطيعون دائما أن يلعبوا أدوار البطولة لرجال في سنهم. أبطال في الستين والسبعين... لكن، ماذا عن البطولة النسائية بعد الخمسين؟ كان هذا مثلا موضوع الفيلم الوثائقي الذي أنجزته لوري كوليوا (laurie Cholewa) عن النساء بعد الخمسين في السينما والتلفزيون، وعن طبيعة الأدوار التي تنسب لهن وعن تغييب النساء المتقدمات في السن من الشاشة.
لنتأمل مثلا كيف ينشر الكثيرون صورا لنجمات عربيات أو عالميات حين كن شابات، لمقارنتها بصورهن وهن في سن الستين أو السبعين. هل نتذكر صورة النجمة ميرفت أمين مثلا، وهي في عزاء؟
النجمة الأمريكية كيت وينسليت كانت بدورها قد فرضت، في عقد تعاون مع إحدى العلامات التجارية العالمية، ألّا يتم الاشتغال على صورها لمسح التجاعيد وعلامات السن، وقالت بخصوص ذلك، إنها تفعل ذلك من أجل الأجيال القادمة، حتى نتعلم قبول علامات التقدم في السن بالنسبة للنساء، لأن هذا أمر طبيعي.
نقاش مهم بدأ في الغرب... نتمنى أن يصلنا قريبا لكي نتصالح مع تفاصيلنا البيولوجية... ولكي نوقف تشييئنا للنساء باعتبارهن جسدا فتيا تنتهي مدة صلاحيته في الثلاثينيات على أكثر تقدير.