هل يستطيع المرء أن يعيش متفائلًا، وأن يشيع التفاؤل من حوله، الأمر الذي يجعله يتمتع بطول العمر والصحة الجيّدة؟
نعم يستطيع، شرط أن يكون هذا المرء... يابانياً. فقد كشفت دراسة علمية حديثة من اليابان، الأسباب الموضوعية الكامنة وراء تمتع المعمّرين هناك ممن تزيد أعمارهم على مئة سنة بصحة جيدة، مؤكدةً أن السر يكمن في البقاء في حال من التفاؤل، والتركيز "على التفكير المستقبليّ الإيجابي بدلا من السلبيّ".
لكن كيف يتمكن الياباني من تحقيق ذلك؟ كيف يتغلب على مشقات الحياة ومآسيها، فلا تعود قادرة على تدمير توازناته، وصحته النفسية والجسدية؟
الجواب بكل بساطة هو أن اليابانيين لا يعيشون في لبنان. أي أنهم يتمتعون بجملةٍ متينة من الأوضاع والظروف المادية والمعنوية، الفكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية والصحية والقانونية، التي توفّر لهم الحصانة، فتمكّنهم من العيش بسلام وطمأنينة و... تفاؤل.
عندما قرأتُ هذه الدراسة، سرعان ما سألتُ نفسي "من باب الغيرة والحسد والطمع"، لماذا لا يستطيع المرء أن يتفاءل في لبنان، فيعيش هو أيضاً العمر المديد مكللا بالصحة والعافية وراحة البال؟ لماذا لا يحق له ذلك؟
لأن القانون في بلاد مثل اليابان هو الذي يحمي حياة الإنسان، ويصونها، موفّرا لها كلّ الأسباب الموضوعية التي تطيل عمرها، وتجعلها سعيدة. القانون، بما يشمل جملة الحقوق والواجبات، ولا سيّما منها أن لا أحد هناك إلّا تتوافر له كرامة العيش ماديًّا ومعنويًّا. فكيف لا يعيش طويلًا، وسعيدًا، وبصحة جيدة؟
أما القانون هنا، تحت سقف سمائنا اللبنانية، وأما دولة القانون، فلا وجود لهما، في ظلّ سيادة الفساد، والوحشية، والإمعان الفاحش في اغتيال الحياة، وإهانتها، ماديًّا ومعنويًّا.
ليست المسألة مسألة تشاؤم أو تفاؤل. بل هي مسألة حقّ مهدور. ولكي لا يقع هذا المقال في النقّ، فإنّي أدعو الناس، خصوصًا أصحاب العقول، إلى العمل على إحقاق هذا الحق، بكل السبل المتاحة، وعلى كل المستويات. آنذاك، فقط، سيكون في وسعنا ربما أن نتفاءل، وأن نعيش طويلًا، و... بسعادة.